ما الذي يقابل الرواية الصحراوية
العقيد بن دحو
يقابل الرواية في الصحراء او الصحرواية ماذا ؟
هذا سؤال
طرحه رئيس الجلسة ا.د احمد جعفري من اليوم الاول الفترة الصباحية حول الملتقى
العلمي الادبي : " سرديات
الصحراء"، الذي اجرته جامعة ادرار الافريقية احمد دراريعية ، المنعقد يومي 24
- 25 شهر جانفي 2024.
يبدو السؤال
بسيطا غير انه ينطوي على مضمون عميق الجذور ، يصعب القبض عليه منذ اللحظة الاولى
صحيح كما
تعودنا قوله - نقص القادرين على التمام - الموضوع شيق و الوقت ضيق - غير ان اذا
كانت الصحراء هي الجبل و الرمل (العرق)
او بالتعبير الشعبي. العروبي ، ساكني خيم او بيوت الشعر و مربي المواشي.
الرحل " من الضب الى سمكة الرمل !
ما يليق
بالصحراء يليق بالرواية ، حين تصير اللسان المعبر عن ساكنة الصحراء ، الحيوان و
قوقعته او الحيوان و جحره ، و الانسان و
بيئته ، اين تكون الجغرافيا تؤثر في السياسة فن الممكن.
غير ان
الطبيعة لا تابى الفراغ ، و ان لم تملا بالمتابات و البحوث ، سباتي (الاخر) الديني
و الدنيوي و حتى الامني منه يملئ علينا اوامره ، ورغباتنا الطفوليه !.
ما يقابل
الصحراء البحر بكل تجلياته و اعماقه و دياجيره و صدفاته و درره ووحوشه الضارية ، و ما يقابل الرواية بالصحراء
في مسرد التيه و الموت و الموت المؤجل ، السراب و الخيال و الحلم الفردي و الجمعي
الرواية على الساحل او بالمدن الكبرى القريبة من البحر او من المركز ، مصدر القرار
السياسي الاجتماعي الاقتصادي الثقافي.
و في هذه
الحالة اين الانسان يكون مضافا للطبيعة ، يسامت الكون بكل تجلياته اللغوية و
الدينية ، يمكن ان نتخذ من رواية " العجوز و البحر" للكاتب العالمي
الروائي همنجواي انثولة او الانموذج البديل او التغكية الراجعة لنشروع رواية
صحراوي استشرافي.
كون لم يكن
الروائي في حاجة الى بحث او خلفية او مرجعية ما يتكئ عليها الباحث.
فالبحر
عالميا ، منذ النشاة الاغريقية الاولى سذاجة البداية ، منذ اللمحة الاولى للكلمة
الاولى. صار موطن الاعاجيب و السحر و الاسر . رمز الهائل المذهل المدهش.
ولما ارعب
البحر الاغارقة و اخافهم ، وانزل في قلوبهم الرعب ، جلته ، قدسته و عظمته ، و انزلته
منزل البطل ، الشبيه بالاله ، بل بالاله فسمته "بوزيدون" . تقدم له
القرابين و الولائم ، و نصيب من عائدات الولائم ، و الاسلاب و الغنائم. و كذا اناشيد جوقات مورس الشرف على مقام الاله
الاعظم ديونسيوس.
دعنا نقر ان
الرواية ثري رجل حرب القرن التاسع عشر.فقد
اصبحت تمتلك الثروة الضخمة الثابثة من " التصزير الاجتماعي"ومعظم الاسهم
في (مصرف التاريخ) ورقابة الماسي البشرية ، كما صار لها فندقا خاصا بباريس مع
بورجيه ، و فيلا على البوسفور مع لوتي ، و
اقطاعات في الارياف منذ بلزاك و فلوبير.
لنتساءل ما
الذي اسسته الرواية عندنا سواء على الساحل او بالصحراء عدا الفقر ، الفقر دية
الكسل كما قال هزيود ، سوى البحث عن التدوين او بطاقة شرعنة هوية للرواية او للسرد
الصحراوي.
لقد اقتاتت
الرواية (بالمقابل) مع اله البحر بوزيدون ، اي من الاسطورة ، الاسطورة ميراث
الفنون (نيكولاس فريده). يلون الطبيعي بما هو خارق للطبيعة.
بمعنى يجب
البحث عن اسطورة صحراوية ، قبل ان نبحث عن لس سرد محتمل ، يمكن ان يؤسس الى ماسسة
من الصحراء او رواية صحراوية.
صحيح هي لا
تهدي هدايا لامعة لاشباه المثقفين و انصاف المتعلمين .
هي زاد معين
لا ينضب للافكار المبدعة ، و للصور المبهجة ، و للمواضيع الممتعة ، و للاستعارات و
للكنايات. انها تهب كل امرئ جاد واع وازن شيئا ما.
بمعنى لا
يكفي الاجتهاد و البحث عن رواية تؤسس مسرد
عوالم متداخلة من الزوابع و التوابع و في ظل مخيال جمعي اي اسطورة.
و كما وجدت
الاغريق و من خلالها الغرب عامة الها للبحر (بوزيدون) و كما وجدوا الها للرواية مع
(بلزاك) ، و هو القائل : اذا كان نابليون بونابرت عاش حياة اوروبا و ازدرد الجيوش
و كوفيه تزوج من الكرة الارضية
واوكونيل
تجسد في شعب.
ساكون رابعهم
باستطاعتي ان احمل مجتمعا باكمله في ذهني.
اعتقد سابق
لاوانه الحديث عن رواية سردية الصحراء دون ان نجد معادلا بحريا بالصحراء ، ميناءا
على اليابسة على اعتبار جل الحضارات ذات نشاة بحرية بالمقام الاول ، سيكون القطار
هو البديل البحري في الصحراء كما يقول المفكر المغربي المهدي المنجرة. وقتئذ سيقطع
القطار (البحر) فيافي و قفار و في كل فاصلتي زمكانية يمسحها يترك اثرا خلاقا
ابداعيا ، يمكن للروائي من خلاله ان يعانق اهتزازاته التواترية الجيبية الهرتزية ،
و يصنع من خلالها موجات بحرية على اليابسة مما هي على الورق.
اذ القطار لا
بنقل البضلئع و العنال و المسافرين ؛ انما ينقل القيم ايضا.
تبقى وجود
الها للرواية الصحراوية من عدمها متعلقا بذات المبدع ذاته الروائي ، حينما يخلق من
اسطورة عنصره الفردانية ، الحلم اليقظة او
اثناء النوم ، بالتراكم و الاضافات حلما جمعيا او اسطورة ، اسطورة فنان ، اين يكون
الشاعر ، و رجل الدين ، و المحارب الجندي المقاتل على قلب رجل واحد.
فاذا كان فعل
الشاعر الخلق او الابداع ، و اذا كان فعل رجل الدين او الكاهن فعل المعرفة ، فان
فعل رجل الحرب او المقاتل فعل القتل.
كل هذا تتجسد
في روائي يكتب هذه المرة العجوز و الصحراء كبديل طبيعي عن العجوز و البحر.