غزة تخلط اوراق العالم
العقيد بن دحو
الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة ، انتقل بها ، سواء- شئنا ام ابينا - من
حرب محلية الى اقليمية الى ما يشبه حرب عالمية. و مما زاد الطين بلة الحرب
الاعلامية ، التي تنقل الحروب على المباشر الى كل بيت اصقاع المعمورة في شكل اعلانات بروبجندية تتعذى
على الاضافات و بالتراكم.
و كما استخدمت اسرائيل جل اسلحتها التقليدية و الحديثة. الخفيفة و الثقيلة.
اهلها ان تكون حربا برائحة العالم. عندما يلمس المتتبع ان الولايات المتحدة
الامريكية تعلنها جهارا نهارا انها متخندقة مع الاسرائليين موحلة في وحل القطاع ،
من قمة راسها الى اخمص قدميها. و الجيش اليمني ، جماعة الحوتي ، على الضفة الاخرى
تشحذ و تشحن وعيدها و تهديدها بضرب اي باخرة متجهة للموانئ الاسرائلية.
واذا كان العالم يعلم مسبقا موقف (الغرب) ؛ الصادم ، الحدث ، الحادث Accident على حسب
تعبير المفكر المستشرق رجاء غارودي ، اجمالا منذ عهد بلفور 1948 المشؤوم ، منح
وطنا للاسرائيليين على ارض بلاشعب و شعب بلا ارض ، ارض الميعاد او كما تزعم
المخيلة الاسرائيلية المريضة !.
واذا كنا ندرك الانحياز الاعمى للكيان الصهيوني ، كونها تريد منها بعبع
الشرق الاوسط او شرطي العالم العربي من طانجة الى جاكارته ، المصدرة للغاز و
البترول بصفة عامة.
الخاسر الاكبر من هذه الحرب اسرائيلية اولا ، حين تخسر الحرب حجرا و شجرا و بشرا او فيما
معناه ، و حين خسرت اخلاقيات الدولة ، من معاهدات دولية ، و تبعات جرائمها الحربية
على المدنيين العزل. و حجم و ضخامة تدمير المربعات السكنية و المقرات الاستشفائية
و كذا المدارس على رؤوس ساكنيها الامنين ، الذين لا شان لهم بالحرب.
الحرب الاسرائلية على غزة ، و الانتصارات المتتابعة للمقاومة الفلسطينية و
كذا حجم التضامن الراي العام العالمي للفلسطينيين اخلطت اوراق
"البلفوريين" الجدد ، انصار "مشروع القرن" ، و "
الكامديفيديين" الفدماء و الجدد ، و لا سيما اولئك "المطبعين" العروبيين
المهرولين ، الذين يريدون ان يكونوا صهاينة اكثر من الصهاينة انفسهم ، (ابن العم).
اولئك الجار الجنب الغربي ، الذي اراد ان يخلق دبلوماسية يهودية صحراوية جديدة من
رمل و حصى و تراب و غبار و عواصف و رياح ، عكس المنطق ، و عكس الاعراف و المعاهدات
و المواثيق الدوليه . اسرائيلية ، صهيونية على اساس ديني عقائدي ، عرقي ، تاريخي
على اراضي الاقاليم الصحراوية الجغرافية التاريخية السياسية.
اخلطت اوراق اولئك الذين ارادوا ان يخلقوا على حدود الجزائر كائنا غريبا
منبودا ، مكروها ، جرثومة ، جائحة متلازمة كورونا كوفيد ما لا نهاية. تفسد الحرث و
النسل ، تمتد الى الاقاليم الصحراوية ، و تمسح دولة شنقيط القديمة الى حدود
افريقيا الغربية.
الان وغزة تكبد الصهاينة الخسائر الجسام و حتى الاقتصادية منها و السياسية
الازلية ، تراهم من النهر الى البحر ، يدسون رؤوسهم التراب كالنعام ، يتوارون خلف تلك الشجرة التي بدورها تخفي
الغابة ! يذوقون طعم الهزيمة ، و تعقدهم بعقدة السفالة و النذالة و الخسة التي ما
بعدها تعفن و لا زراية !.
ما تبقى لهم من ماء وجه. هم بدورهم لحقتهم لعنة الصهاينة على الثخوم و
بالخنادق ، و الافخاخ و الكمائن المكنونة.
ايضا العالم سيصحبه تغييرات و تحولات كبيرا على المستوى الفكري و
الاستراتيجي ، عندما تهدا العاصفة فوق الطاولة ، لتندلع حربا اخرى ؛ حرب الافكار و
التنظير الفلسفي ، ما الذي حدث يوم 7 اكتوبر ، و حطم فخر الصناعة الحربية
(الميركافا) الشمشونية بمجرد صرخة صاروغ اعيد تدويره و صناعته في مخابر تلافيف
متاهات مقص (دليلة) .
العالم لم يبق كما هو قبل الحرب و اثناء الحرب.
كل شيئ سيتغير ، ما بعد الفوضى الخلاقة ، او ما بعد تلك الفوضى المدمرة.
و لان الانتخابات الرئاسية الامريكية على الابواب ، سيكون عنوانا اخر
للحرب. حين تجنح الولايات المتحدة
الامريكية مجبرة لا بطل الى التهدئة المؤقتة ، مادامت الحرب الاسرائيلية
الفلسطينية سرمدية لا بداية و لا نهاية لها.
الحرب اظهرت العديد من الاختلالات العالمية العولمية الفردانية و الجماعية
، مدى نفاق و شقاق الدول و مدى خيانات الحلان و الاصدقاء و طعنات غدر الخلان و
الاخوان بالظهر ، والحرب الاوكرانية على الطرف الاخر من وجه الكرة الارضية ؛ يقوي
الطرف الممانع الصيني الروسي ، و مصائب قوم عند قوم فوائد.
الحرب الخاسرة التي قادتها اسرائيل نيابة عن الشر الابيض ، الولايات
المتحدة الامريكية.
ستدفع فواتيرها الدول المطبعة. و
كذا الخزائن القصور و التيجان. الخزائن التقليدية من مصرف التاريخ للولايات
المتحدة الامريكية.
الحرب على غزة اخلطت اوراق
المواليين ، و اظهرت للعالم حيث ما يسمى العلاقات الانسانية خارج اطر
المصالح .
حيث القومية و الوطنية العربية من النهر الى البحر. و مدى استفحال ظاهرة
النرجسية السادية التي تحمل الضحية وزر الجلاد ، من اجل رضا عيون ماما امريكا و
رهاب فوبيا العم سام !.
غزة لم تخلط الاوراق فحسب بل اغلقت اللعب ، فمن يلعب بدل الوقت الضائع ، و
الجميع اوقف المخرجات على التغذية الراجعة من مسافة صفر.