جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

عندما تبكي الرجال

العقيد بن دحو



الاسود ايضا تبكي ، عندما تفقد شبلا من اشبالها ؛ فما بالك ان كان قطيعا باكمله. عندما يشعر المرء ايضا بان الجمعيات الحكومية و غير الحكومية الدولية و  الاممية عاجزة كل العجز عن الدفاع و الذوذ عنها بالصيد الجائر او عدم القدرة عن الحد من الانبعاث الحراري و التلوث البيئي الايكولوجي.

اذ لا يمكن عيش الانسان على وجه هذه البسيطة منفردا او في شكل تجمعات بشرية ، دون التفكير فيما يحيط به من مخلوقات و كائنات اخرى ، بيولوجية او طبيعية ، بل التفكير في نصير الارض اجمالا ازاء جور و ظلم الاتسان اولا ، حين يصير الانسان عدوا لنفسه او الانسان عدوا لاخيه الانسان. او اواء كل انواع و الوان الشر ، (الشر الابيض) على حسب تعبير المستشرق المفكر رجاء / روجيه غارودي.

و نحن نتابع الحرب الاسرائلية الصهيونية على غزة العزة ، لا يمكن لنا ان نمرر هذه المشاهد الاليمة و الفجيعة الماساة التراجيدية ، و ان نشاهد ذاك العبور الاسطوري ، الذي خططت له و نفذته المقاومة الفلسطينية ، بنجاح ، احكام  و تفوق على جمبع الاصعدة و المحاور اللوجستيكية ، ستظل عقدة كاداء في نفسية الجندي الاسرائيلي الى ابد الابدين. و المقاوم الفلسطيني يعبر الذكاء الاصطناعي ، لطالما تغنت به الذهنية الاستخباراتية الاسرائلية المانع الحارس الحريص الشفيع للامة الغاصبة الصهيونية.

صورة المقاوم الفلسطيني وهو يعبر الخرافة في سفر التكوين ، العسكرية العبرية الاسرائلية يوم 7 اكتوبر. جميع المحللين ذهبت بهم الذاكرة الى وراء اكثر من اربعة عقود من الزمن ، او الى (يوبيل فضي) من ذكرى عبور الجندي العربي خط برليف يوم 6اكتوبر من سنة 1973، و استرداد سيناء المصرية من ايدي الغاصب المستبد.

يوم ذاك الجندي الجزائري لم يتاخر في هذا الصنيع الحسن. الشجاع ، البطل ، الذي اعاد الكرامة للعرب جمعاء و رفع الراية العربية على ارض الضاد قاطبة من الماء الى الماء ، من النهر الى البحر. و من جكارته الى طانجة.

ساعتها عندما حطت الحرب اوزارها ، ونصبت الامم المتحدة خيم ترسيم الحدود ، و الاشراف على وقف اطلاق النار.

عاد الجنود الجزائرية مسجين ؛ شهداء محمولين على دروعهم او كما قالت ام اغريقية توصي ابنها المحارب : "عد بدرعك او محمولا عليه" .

لم يكن في مقدور الرئيس الراحل هواري بومدين. و في جلسة تابينية.  يملؤها جو من الحزن المهيب ، لم يسبق له مثيل في تاريخ الجزائري سواء قبل التدوين او بعد التدوين

.لم يكن امام الرئيس الانسان ابن الشعب ، وهو من عرف ما معنى ان يستشهد خيرة رجالات الدولة و ابناء الشعب البار خارج وطنه من اجل القضايا العادلة ، ضد الهيمنة و الغطرسة الامبريالية التوسعية الصهيونية التي تكبرت و تجبرت و عاثت بالاراضي العربية فسادا . الا دموعه التي نزلت على خذيه و يحاول ، ان يتحامل على نفسه ، الا ان الحزن العميق الانساني يتغلب على الحزن العميق السياسي.

كان هذا الرئيس الراحل هواري بومدين الذي عرف كيف يفك لغز مخاطر و عوائق الانسان الجزائري في جميع مراحله العمومية ، الطفل.  الشباب ، الكهول ، و العجائز ، و في جمبع جهات الوطن ، و كانه كان يعرفهم منذ سنين خلت.

ورغم الظروف القاهرة التي كانت تمر بها البلاد  خاصة عندما اختارت سياسيا التوجه الاشتراكي لقيادة الدولة ، الدولة الاجتماعية ، الا انه كان رئيسا مبدعا ، في كل زيارة من زياراته الداخلية الا و يكتشف موهبة من المواهب. او مبدعا من المبدعين المغمورين في ارجاء الجزائر العميقة.

علمتنا جل الحضارات الانسانية عندما تبكي قادة الدول ، ذاك ان الجلل اعظم.

بكى الرئيس ليترك رسالة صمت للعديد من الاجيال المتعاقبة. على ان الدولة تظل دولة الانسان لها و عليها ما على و للانسانية جمعاء.

فكما للحزن وقت للفرح وقت ، للالم وقت و للامل وقت ، للاستعباد و الاستعمار وقت وللاحتلال وقت و للحرية الحمراء بكل يد مدرجة تدق.

عندما تبكي الرجال  ، ذاك ان فلسطين اجل من الدموع.

غير انها ليست دموعا تطهيرية تكفيرية من ادران انفعالات النفس ، انما دموع تفكيرية تغييرية ، القدرة الرجوع الى المخرجات الاولى لتثمين المجهودات او لتقويم و تقييم و كذا تصحيح خطا ما.

كانت هذه فكرة اولى انطلاق مشروع دولة لا تزول بزوال للرجال. دولة تتكاثف و تتكافا  بها الفرص و المجهودات ، و ليس التغيير من اجل التغيير ، و انما من اجل تلك الفكرة التي تغير وجه المحيط.

دولة راشدة في ظل حكم راشد في حدود انتشار التسامح ، دولة البقاء للاصلح و ليس للاقوى.

دولة فيها الحكم كنزا كما قالت الاغريق ، لا يقل اهمية عن اية رعاية او حماية او استثمار او ثروة قومية وطنية اخرى Le oouvoir c'est un tre'sor.

او كما يقول المثل الفرنسي.

دموع ليست ككل الدموع ، عندما تبكي الرجال ، و هي الشاهد التاريخي الوحيد بان هزيمة (البعبع) الاسرائيلي او اي كيان اخر مستعمر مستدمر ممكنة في اي مكان و في اي زمان ، رغم هذه الهرولة المريرة و التطبيع الفويا الذي ارادت البعض ، الفئة الاقلية  ان تجعل منه قضية كلية.

دموع الرئيس ليست ككل الدموع هي استجابات لمرحلة معينة سابقة و نحديدات في غير زمانها ، ان لم تستجاب تصير اوامر.

فلنكن في مستوى تضحيات الرجال ، و ان نعي المرحلة التي يمر بها العالم ، و ان نستشرف بروية و تبصر و احكام وازن ما بعد الحرب على غزة ، او ما بعد الفوضى الخلاقة ، ان كانت للفوضى من اخلاق و خلاق اختلاقي.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *