الجنرال فايز الدويري والملثم ابو عبيدة
العقيد بن دحو
الجنرال فايز الدويري والملثم ابو عبيدة
العقيد بن دحو
بقدر ما كانت الحرب الاسرائلية على غزة الفلسطينية ، و بقدر ما كانت
بالرجوع مرارا و تكرارا الى غرف العمليات كاثر رجعي ، لتاكيد معلومة او لتصحيح خطا
ما.
وكون مدخلات الفعل الحربي كانت خاطئة من اساسه و اسه ، كون المقاومة
الفلسطينية كانت سباقة لفكرة الصدمة و الترويع ، بقدر ما افسدت و اخلطت اوراق طاولة الحرب و مجلس الحرب
الصهيوني ، و ادخلت اخماسه في اسداسه.
ولان المقاومة اتخذت من (الانفاق)
هاجسا حربيا وعقدة تحت الارض غاب حتى عن اكبر
الدولة الداعمة للاسرائليين و منحته وعدا دائما على الارض منذ وعد بلفور المشؤوم
سنة 1948.
لم تكن حربا بالتكتيك و المعدات الحربية الثقيلة و الخفيفة ، اين تغيب
اخلاقيات الحرب ، و لا سيما من راهن عليه الغرب ان يكون لها شرطيا مخلصا ووفيا
بالشرق الاوسط . صنعت منه معجزة ، قضاء و
قدر ، لا يمكن قهر مشيئته ، يضرب في اي مكان و في كل زمان ، في زمن لم تعد فيه
معجزة لاحد على احد ، في زمن القرية العالم او العالم القرية ، الشبيه بالعلبة
الايطالية ، كل يلعب دوره على المكشوف ،
دون تورية او تمويه او مخادعة ، ولو ان الحرب خدعة ، كالموت لا تاخذ الا حين غرة.
منذ 7 اكتوبر ، و العبور الاسطوري للمقاومة الفلسطينية لما وراء غلاف قطاع
غزة ، ادرك العالم ان الحلم البوليسي الذي طالما ارق اهل القابلية للتطبيع انتهى
بغير رجعة.
بل المشروع الاسرائيلي تحطم على صخرة هؤلاء المقاومين ، الذين عبروا برا و
بحرا وجوا و فضاءات اخرى.....!
كانوا هؤلاء الخوارق ايضا يعبرون و يمرون على مجالات و فضاءات و حقول شاشات
العالم. ليواكب الاعلام و الاعلان الحربي هذا النصر.ظ المتقدم.
ليصبح الارق الاسرائيلي اضعافا مضاعفة. لا سيما عندما انتقل ما يبثه
الجنرالين ابو عبيدة و الدويري من تحليلات
و اخبار شبه مؤكدة بللصوت و الصورة ، و بالاشارة التي تسبق الكلمة ، و بالتحليل و
الارقام. كلام خبيرين عسكريين كونتهما المحن و امهات المعارك. لقيا مصداقية بالاذن
و العين الاسرائيلية ، حتى اكثر مما يتلقونه اخبار من قنواتهم الاعلامية ، التي
اصبحت فجاة اعلاما موجها ، لكيان لطالما اعتبر اكثر ديمقراطية من العرب انفسهم.
اولئك المتغنيبن بالحضارة الديمقراطية ، فجاة اسرائيل صارت اكبر دولة دكتاتورية
بالعالم ، و اعلامها صار مضللا ، اكثر ضلالة من اعلام الرايخ الالماني ، زمن حكم
ادولف هتلر النازي.
كان صوت الجنرال الدويري اضافة للمقاومة الفلسطينية و لا يزال ، اذ هو يحلل
و يناقش المعارك في كل سنتيمتر مربع على الارض موجها ومرشدا قوميا وطنيا ، يبعث
الامل البسام في انفس الملايين القوميين العرب عبر الشتات الداخلي و الشتات
الخارجي و كذا ملايين من احرار العالم ؛ الثواقين للعدل و الحرية و المساواة.
بينما لا تزال كل كلمة يقولها ابو عبيدة بمثابة حديث بالف صوت. و كان
صواريخ المقاومة التي تسقط ابابيل و حجر
سجيل على كافة المدن الاسرائيلية ، و ما تسببه من اصابات مباشرة مؤكدة على
النفسية الاسرائلية ، و على الذات المتعجرفة و انفة و عنجهية الصهاينة ، بل و على
المدن التي كانت تنام و تستيقظ على دفيئة وهم خرافة اسرائيل لا تقهر !.
و ان داء التطبيع بلغ مداه ، و ان بعض من العرب العاربة و المستعربة تتسابق
الى الكيان زاحفة منبطحة حافية القدمين.
لا احد ينكر دور الاعلام في نقل مقاومة المقاومة الفلسطينية من مسافة صفر ،
تدمر و تحرق ما كان يليق بالغرب عامة و امريكا خاصة ، من صناعة حسبوها تقيهم من
الموت ، بل هي الموت ذاتها!
تحليلات الجنرال الدويري (سارية الجبل) ، و صرخات ابو عبيدة كانت الشافية ،
الكافية. و العافية ليظل العرب و الاحرار خلف شاشاتهم يراقبون و يطلعون تغلبهم و
تعافيهم من فوبيا و رهاب ارهاب الصهاينة ، الذين تكبروا و تجبروا والحقوا فسادا
بالبلاد و العباد !
اخيرا صارت للمعركة صوت ، للحرب صوت ، وللصوت صوت ، الحرب رهان خسر من خسر
و ربح من ربح ، لنقول مسبقا و لو على مضض مبروك على المقاومة الفلسطينية و لا نامت
اعين المطبعين و الجبناء.
الوطن العربي به الالاف من امثال الجنرال فايز الدويري و من ابوعبيدة ، اذا
ما تحرر الاعلام الحر النزيه ، و كف عن مجاراة الطبيعة و المدح و الفخر و القيام
بدور الحاجب القديم ، الذي كان يخفي على رجل السلطة انشغالات المواطنين.
المعركة ايضا معركة اعلام ، جند ، ضباط ، صف ضباط ، جنرالات ، و احتياط ، و
رجال استعلام و مخابرات ، و شعب ايي مستعد للتضحية ، حاضن لثورته و مقاومته.
وها هما الجنرالين الدويري وابو عبيدة الملثم من قلب صميم المعركة و من
مسافة صفر يبثون رعب الخبر اليقين.