ادباء الجوائز و معاداة السامية
العقيد بن دحو
قد نتفهم ان يكون الاديب الفنان غرامشيا ، او ميكيافليا ، او اديب جوائز ،
او اديب سلطة ، لكن لا نفهم ان يلزم الصمت ، لا عين نظرت و لا اذن سمعت ، باتجاه
القضايا الانسانية الكبرى القومية الوطنية ، و من النهر الى البحر.
لا نتفهم اديبا عربيا قوميا وطنيا ، يغض الطرف على ما يحدث من ظلم وجور
اسرائيلي على قطاع غزة و فلسطين عامة .
حرب ابادة على الاطفال و العزل الابرياء الذين لا شان لهم بالحرب.
من اجل جائزة دنيئة ممزوجة بدماء الابرياء و على جثة قوافل الشهداء ، كل
المؤشرات في علم سوسيولوجية الادب غير اخلاقية.
ندرك غيبا وعلما ان الترشح لجائزة نوبل مقرونة و معقودة سياسيا على عدم
معاداة السامية.
و كل من هو ليس معي ضدي...!
تعود فكرة معاداة السامية الى الهلوكوست 1933 - 1945 ، الى المحرقة
اليهودية النازية.
ومنذ تلك الفترة الحرب الكونية.
هي عقدة دولية الزمها الكيان الاسرائيلي على كل من يعادي الكيان المغتصب
المستدمر المستعمر للارض و العرض ؛ للبلاد و العباد.
لا يمكن ان نتفهم هذا الصمت على غزة ، من لدن اديب او فنان او مثقف كان من
المفروض ان يقول كلمة حق عند دولة جائرة ، شرطي العالم ، المتعطش للدماء. و لعل المفكر
(روجي غارودي) او يسمى رجاء غارودي ، من اسلم على ارض الجزائر ، لما شكك في
الهلوكوست المحرقة اليهودية اتهم بمعاداة السامية ، و عاش بقية حياته معزولا،
غريبا ، منبوذا في وطنه فرنسا.
روجي غارودي ، من كتب كتابه الاول في حوار الحضارات ، اين نوه بالجندي و الشعب
الجزائري ، كونه انقذوا حياته من مامورية اطلاق النار عليه من لدن ضابط في اللفيف
الاجنبي ، فرفض الجزائري المسلم اطلاق النار.
الغريب ان هذا الصديق للجزائر ، المفكر ، الالمعي ، المستشرق الذي احب
الجزائر و دافع عن الجزائر ، لم يلق ردا جميلا ، يليق باسم رجاء غارودي ، لم يسمى
عليه شارع ، او مركز ثقافي ، او مرفق تعليمي او جامعي ، او حتى ندوة علمية او
فكرية تنوه بفكر و علم الرجل ، او التذكير باسلام الرجل.
يمكن ان نقول ان العديد من الجزائريين يجهلون الرجل ، لم يقراوا و لم
يطلعوا على ماثر المفكر وعذرهم معم .
الا ان ما هو غير مفهوم ، بعض التنويريين يعمدون على عدم ذكر رجاء غارودي
في امسياتهم و ندواتهم ، لعل عاصمة الجن و الملائكة ترضى عليهم ، لعل فرنسا تجود
عليهم ببعض الفتاة ، اعطتهم او منعتهم ، اليد المغلولة !.
او لعلهم يضمنون وجود اسماءهم بل
القائمة الطويلة لايه جائزة دولية محتملة ؛ حتى لا اقول جائزة نوبل !.
بل ذهب الراي بالبعض منهم الى ضرورة التطبيع الادبي و الفني و الفكري ،
مادام التطبيع السياسي بعيد المنال لاسباب تاريخية و اجتماعية. على اساس ان اليهود
كديانة ليست هي لسرائيل كدولة استولدتها قوة بلفور 1948.
و ليست الصهيونية كحركة عنصرية..انما هو ابناء عمومة ، ما فرقتنا سوى
الظروف و مصالح الدول و سياسة فرق تسود.
ندرك هذا جيدا الحلم الذي يراود بعض العلية الادبية الفنية الفكرية ، و لما
في اولئك الذين اختاروا التنوير ، و ضربوا بكل المبادئ القومية و الوطنية و سافروا
في اوديسة الثقافة ، كجمعية مستقلة حرة ، و باسم الحضارة الديمقراطية الى اسرائيل
، تقودها العلمانية المستترة ، الغريب عندما عادوا من حائط المبكى و من مزارات المعابد اليهودية الى ارض
الوطن ابان تسعينيات القرن الماضي.
الغريب العجيب من كانت تقود الوفد الجمعوي هذا صارت بين صبح و مساء وزيرة
للثقافة.
اذن الخوف من معاداة السامية هو الذي اوقع اصدقائنا في هذا الرياء او
النفاق الشقاق المزدوج الادبي الثقافي ، اولئك الذين يتباكون مع الراعي و ياكلون
مع الذئب.
الساعون وراء الجوائز ، و رضى الاخر ، اخر ما وراء البحار !.
الاخر الكونيالي القديم ، الذي يرى لغته مجالا حيويا و حقا تاريخيا ،
يريدون ان يسترجعونه في اي لحظة من اللحظات.
وحدهم الفرنسيون الذين يتكلمون كما يقول اللغوي الفرنسي (بوهور).
معاداة السامية لا تجعل منا ملكا اكثر من الملك ، عندما يتعلق الامر بمصير
قتل و تدمير المستضعفين بالارض ، غزة فلسطين.
ان المتاخر عن نصرة المقاومة ولو باضعف الايمان ، مثقف ، اديب ، فنان جبان
، لا يستطيع ان يطلق عليه لقب المخلص المحامي المدافع ، جندي القرطاس و القلم عن
ما يحز في انفس قومه. و من يشاركه الحرف و اللغة و الدين و العرق و المصير
المشترك.
فالمال هو خيبة الامل ، لن يرضي مناصرين الفكر السامي ، و يخسر الحسنيين
معا الجائزة و نصرة غزة.
فتاريخ الافراد و لا سيماا المبدعون منهم الادباء و المثقفون كتاريخ الدول
، لا يرحم حين يصنف الجميع و يضعه على الرائز الوطني من غير الوطني و القومي من
غير القومي.
ومن ينتظر كلمة تنويه من وراء البحار ، صديق و نصير السامية ، و من يقف مع
المقاومة الفلسطينية اليوم قبل غد لفظا و لحظا و اشارة ، و بكل الوسائل المتاحة
الممكنة.
الرجوع الى تاريخنا الفكري واجب
مقدس ، ننصر من تصرنا بالامس حتى ان كان معاديا لشياطين الجن و الانس و
لهذه السامية الرعناء التي اسمت ببعض من بني جلدتنا صعدا نحو الاسفل !