جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

أدب وفن الطفل و الوزارات الثلاثة

 

أدب وفن الطفل و الوزارات الثلاثة

العقيد بن دحو



تقول حكمة  حضارة التربية : " ابداوا بمعرفة ابنائكم فانكم لا تعرفونهم ".

و مادامت القضية قضية معرفة ، دعنا نقر ان الجميع مقصر في حق الطفل سواء عن علم او جهل ، و لا سيما على صعيد تكوين الشخصية الجمالية الفنية ، على محور اكتساب الطفل ذائقة فنية تضمن له الاتزان الاجتماعي و الثقافي.

و حتى ان علم المربون والاولياء و سائر الامناء العاملون في حق التربية و المعرفة و الثقافة و الادب و الفن ، قد علموا شيئا و غابت عنهم اشياء.

من الصعب اليوم ، في عصرنا هذا الذي اثقله منطقه ان تقبض على اللحظة المسحورة للطفل ،  ان تتحول لحظا و لفظا اشارة الى شعر او اقصوصة او مسرحية او لوحة فنية او منحوثة او مشهد سينمائي. و طفل اليوم يمسك العالم بين يديه على شاشة هاتف محمول ، و ذكاء اصطناعي يجيبه عن الشاردة و الواردة عما غيب عن الكبار عمدا.

طفل صار شريكا فعالا عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعي و عن كل لعب سمعي بصري.

لم يعد طفل اليوم يقبل ما يملى عليه من خربشات الكبار. من حيوانات و حشرات ، من ارانب ، و خراف ، و سناجب و ثعالب ، و غدير ، من صراصير. و نمل ، و جراد و نحل  وفراشات و زهور!.

بل تلك الكرنفالات التي تحاول ان تعرض التلميذ على مجموعة من المهرجين عرائس قراقوز، في وسط التهريج و الضجيج و العجيج !.

الطفل ابا الرجل من حيث الطفل ابا للانسان او كما قال سيقموند فريود ، طفل اليوم رجل الغد ، فنذ ان اجاب اوديب ملكا عن اللغز ، لغز اثينا القائل في اول مخرجاته ،: ما الكائن الذي يمشي في اول النهار على اربع. ..!؟

كان يقصد مرحلة الطفولة.

ذاك ان الطفل لم يولد كما يعتقد البعض صفحة بيضاء ليملي عليها الكبار ما يشاءون....!

بل يولد و هو مزود بكل المورثات و الكروموزومات الفطرية ، الاستعدادات و القدرات النفسية الاجتماعية ، العضوية الذهنية.

على ادباء الطفل و فنانيه اللا يتوقعوا النمو بعيدا عن الاسطورة و الخرافة العالمية ، بل عليهم ان ينموا باتجاهها ، فلسوف تنتصر الرومانسية و يعود من جديد ، و ثانية الطفل ليكون ابا للانسان.

الاسطورة جنين الملحمة ، و تصلح كمقام جيد ان تكون ادب اطفال و فن اطفال و مسرح مدارس. ان كل كلمة منها تخفي قصيدة مجمدة.

قد يتساءل البعض و لماذا الطفل لا يكتب ادبا للطفل !؟

اولا كل ما يعرض امامنا من (لعب) اطفال ليس بادب او فن او مسرح.  انما هو محض خيال وحلم ، كون الكتابة للاطفال يتطلب ابداعا ، و ثمة الفرق بين الخيال و الابداع ، و لن يكونه كذلك الا عندما يبلغ سن (18 - 25) سنة ، و قد حولوا احلامهم الى صور !.

رحم الله زمنا كانت الوزارات الثلاث : وزارة التربية الوطنية ، ووزارة الشباب و الرياضة ، ووزارة الثقافة و الفنون ،  الاضلاع الثلاثة المكونة لتكوين مكوني المسرح المدرسي على سبيل المثال لا الحصر حتى بداية تسعينيات القرن الماضي.

كونهم كانوا يدركون من الصعوبة بمكان ان تكون جيلا من اطفال المدارس و الناشئة فنيا ادبيا ثقافيا حضاريا ، يتطلب مدربين خاصين تلقوا تكوينا مستمرا على مدى سنوات.

لذا لا غرو ان عرضت في جولة اوروبية ملهاة " الضفادع" ، يمثلها اطفال مدارس الاعدادي . لو عرضت في دولة من دول العالم الثالث لاعتبرت تعدي على حقوق الطفل ، و لا تهم معدها و مخرجها بانه يعطي مادة ادبية فنية تفوق مستوى قدرات تلاميذ المدارس و الاطفال.

في حين ظلت الذهنية المبرمجة و الممنهجة حبيسة بافلوفية ، واعمال شبيهة بالفن و الادب ، تخضع للمنعكس الشرطي. من الحيوان و الى الحشرات و هكذا......

احيانا عندما تعرض هذه الاشياء على الطفل تجده هامزا غامزا لمزا ساخرا مما يعرض عليه ، صحيح قد يراه الملاحظ من خلف الكواليس ضاحكا مرحا ، لكن الاغرب ان يكون الممثل محل ضحك ، كون ما يعرض على مخيلة الطفل عالميا يفوق جودة و حسنا و بهاءا ما يعرض عليه على خشبة المسرح المدرسي او خشبة المسرح الاجتماعي الثقافي فنيا ثقافيا اجتماعيا.

وحتى نكون في مستوى ابنائنا على الكبار ان يكونوا بدورهم في مستوى صغار هذا العصر. هذا العصر الذي اثقله منطقه.

لم ينتظر طفل اليوم حتى ينتهي العرض النمطي ،الارضي ، بل تجاوز المستوى السماوي الى الفضائي.

شئنا ام ابينا تفوق طفل اليوم عن العابه ، عن كتبه ، عن مشاهده التلفزيونية و المسرحية الارضية ، و صارت له حيواناته الخاصة من عوالم اخرى ، اكوانه العجائبية المدهشة المذهلة الهائلة.

بل صارت له لغته ، ملاحمه الخاصة ، دراماته الخاصة من الاداب العالمية.

عندما يتفرج على اوديسة و اليادة هوميروس كرتونيا رسوم متحركة ، تتبلور الاحلام الى كلمات و الكلمات الى افكار و الافكار الى افعال ، بل تجده يحفظها على ظهر قلب.

بينما ما يعرض على مسارحنا و على شاشاتنا الداخلية لا يتجاوز حدود الحيوانات و الحشرات.

يجب ان تشكل الاضافة للاطفال و للاولياء لهذا العصر الجديد الذي تشكل ، و يشكل اسطورة عنصره معه.لبنة في صرح هذا التاريخ الجديد الذي يكتب من ذاكرة المستقبل.

ابداوا بمعرفة ابناءكم فانكم لا تعرفونهم.

المعرفة الواعية الحالمة لنكون في مستوى ابنائنا.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *