دعوا الاطفال يعيشون طفولتهم بعيدا عن غرور الكبار
العقيد بن دحو
الاطفال ليسوا ائمة حتى ان قدموهم ، اقحموهم ، اولوهم ، وسيدوهم الكبار ، و
شقوا بهم الصفوف ، الى ان صاروا يؤمون من هم اكبر منهم سنا ؛ اباءهم و اعمامهم و
اخوالهم ، و كذلك تراهم في كل واد و في كل مجال يفعلون.
فلن يكونوا الاطفال ائمة ، و لن يكونوا خطباء ، و لن يكونوا محاضرين ، و لن
يكونوا مما يلعبه الكبار من متاع الدنيا.
لا تحرقوا المراحل العمرية للاطفال. دعوهم يعيشون طفولتهم بسلام ؛ بهدوء ؛
بعيدا عن غرور الكبار !.
دعوهم على السليقة ، سذاجة البداية،
يعيشون اللحظة كما هي في ذاتها ، بحلوها ومرها ، دعه يشبع من رغد طفولته ،
و طفولته تشبع منه . فكل شيئ صار يعيش عصر البواكير المبكرة في غير موسمها مما وقع
الشطط و المط و العط قي السلوك العام ، و اختلت الذائقة الجمالية و تداعت الافكار
، و لم يعد ذوقا لشيئ !.
تطلعنا وسائل الاعلام الخفيفة منها و الثقيلة ، المقروءة ، المسموعة ،
المرئية و الرقمية منها ، من حين الى اخر عن نفخ اوداج اطفال مبكرا ، عن مرض
اجتماعي بروبجندي ، اعلاني ، كل عائلة او فئة او جماعة او حتى مسجد او قرية او
ولاية تسعى لتقديم اطفالها على انها نوابغ في جميع نواحي الحياة الدينية و
الدنيوية ، الفنية ، الادبية ، الثقافية!.
على انه اماما يؤم المصلين ، على انه خطيبا متفوها لا يشق له غبار ، على
انه فنان رسام او موسيقي يشد الانتباه ،
على انه مغنيا او منشدا يطرب و يهز القلوب و الالباب ، على كونه اديبا لبيبا اريبا
يطاوعه الحرف ويجمعه تنوين كن فيكون !.
بهذه الطريقة تكون بعض الهيئات الاجتماعية كالجمعيات و غيرها - شئنا ام
ابينا - قد اساءت التقدير ، و قد اجلست الطفل على مقعد ليس مقعده ، و توجته ملكا
اكثر من ملك لظروف خاصة و عامة نفسية اجتماعية.
دعوا الاطفال ينمون في هدوء ، فهؤلاء
ليسوا ( موزا) او فاكهة مبكرة او سبقا ما (....) ، يراد به تجارة او ربحا
ماديا سريعا سهلا !.
يجب تهيئة الظروف الطبيعية و البشرية اولا و اللوجستيكية المالية المادية
ثانيا ، و دعوا الزمن يكمل دورته الكرونولوجية بعيدا عن ضغط الحياة ، و السباق
الاعلامي المجنون !.
" ان الزمن لاله رحيم "
كما قالت الاغريق القديمة.
بمعنى كل شيئ يحدث في وقته !.
دعوا الاطفال يعيشون بيو فكري بعيدا عن اي تلوث او اضافات كيمياوية مضرة
للصحة او البيئة . يعيشون مراهقتهم ، قبل ان يعيشها ( كبثا) مرضيا باثر رحعي ، او
انه يتقمص شخصية اخرى ارادوها له ان يعيسها مقاسا اكبر من مقاسه ، على مضض مكرها
لا بطل . و بالتالي يعيش في تثنية الفعل الدرامي الاجتماعي السيكولوجي و نقيضه ،
شخصيته التي ولد عليها الفطرية ، و شخصيته الثانية التي ارادها له ان يعيشها ( الكوتش)
او المدرب او الراعي او حتى الاب او حتى البروبجندا العالمية التفاعلية التي
وقودها الاطفال والبضائع الاغترابية. .
دعوا الاطفال يعيشون مراحلهم العمرية ( في اول النهار ، و في وسط ، و عند
اخر النهار) الانسانية ، و ليست هذه (المشوهة) التي يولد فيها الطفل كبيرا
(....)!.
حتى اذا ما وصل سن الكهولة بدات تظهر عليه مراحل الطفولة المتاخرة ، و
المراهقة المتاخرة ، و كل شيئ متاخر !.
في علم الاتسان السيكولوجي يعنى
بالشعر في نهاية طور المراهقة ، اي في المرحلة التي يهتم فيها بامور اكثر عملية .
ان معظم الاطفال او الصبيان يمضون جانبا كبيرا من وقتهم ، منذ سن الرابعة عشرة حتى
الثامنة عشرة ، في احلام اليقظة واحلام النوم . غير ان الحلم ليس شعرا ؛ بمعنى ليس
ابداعا . ثم يصير هؤلاء شعراء في ما بين الثامنة عشرة حتى الثانية و العشرين ، اذا
ما حولوا احلامهم الى (صور).
حتى لقد قيل ، ان كتابة الشعر عند سن العشرين ليست دليلا على ان هذا
الانسان شاعر . بل يكون شاعرا اذا كتب الشعر في الثلاثين او الخمسين من عمره ، بعد
مرحلة الصور هذه ، التي هي مرحلة الشعر . قد تاتي مرحلة (الفكر) ، و قد يصير
الشاعر ناقدا او مفكرا فيلسوفا.
اذن هي ثلاثة مراحل عمرية ، مرحلة الحلم ، مرحلة الصور ، و
مرحلة الفكر اختصرتها ، و اختزلتها ( البافلوفية) و ( الميكيافلية) ، و (
البروبجندية) في مرحلة واحدة متوحدة ؛ مرحلة الحلم ، و صورت لنا عبر الدعاية
الاكلينيكية ان هذا الطفل ليس موهوبا فحسب ، بل مبدعا و نابغة عصره و فيلسوف زمانه
!..
بينما جل المربين في حضارة التربية الحديثة يشيرون الى ( الحفظ غيبا ) ليس
حلا و منهم (مالرو) ، يخشى من نشاة جيل ( ببغاوي) لا يحسن الا ما يردد ويكرر له ،
و يحفز جهة واحدة من المخ الذاكرة ، بينما تبقى جهة حافز الذكاء في المخ البشر
مغيبا او مهملا ؛ و العضو الذي لايستعمل يضمر كما هو في علم المنطق.
صحيح نعرف حجم المغريات التي تقدم لهؤلاء الاطفال (...) الذين يقفون على
ركح الضغط (...) ، يلعبون لعبة الفرسان و هم في الحقيقة الا ( كومبارس) لعناصر
لاعبة خلف ستار الكواليس ، تكون قد حصنت نفسها من اي تبعات اخلاقية اجتماعية او
ثقافية لقتصادية سياسية.
دعوا للاطفال يلعبون في امان ، ينامون في هداة ملكوة الله بعيدا عن كوابيس
و نغزات جماعة الضغط (...) .
دعوا الاطفال يعيشون احلامهم الصبيانية ، بعيدا عن اي منعكسات شرطية ،
بعيدا عن حقول التجارب ، و بعيدا عن حماقات الكبار.
احلام الاطفال اكبر من من كل هذا ، اكبر من المنابر ، اكبر من الكراسي
، و اكبر من كل ملموس و معهود ، هو فقط
ببساطة يريد ان يعيش طفولته حرا طليقا ، يسامت طفولته مرحلة من مراحل نمو و تشكل
الانسان في هذا العالم المستعجل الذي وحد جميع المواسم و جميع الفصول في موسم واحد و في فصل واحد.
في الاخيرا و بعيدا عن اي ضغط نقول لكافة الاولياء و من يعني بشان تربية
الاطفال ، لا تكونوا عجالى من امركم ، لا تحرقوا المراحل العمرية لاطفالكم ، دع
البذرة تنمو اولا بعيدا عن اكراهات الطبيعة.
امنحوا للطفل حقه الطفولي و لا تدعوهم في ليدي لمن يريد ان يشق به الصفوف و
يحرق به المراحل ورقة بيضاء يخط عليها ما يشاء من خربشات اللاجذوى ، اكثر مما نحن
فيه من فوضى خلاقة و غيرخلاقة.
تقول الحكمة التربوية : " ابداوا بمعرفة ابناءكم فانكم لا تعرفونهم
" .
اتقوا الله في اطفالكم فانهم ليسوا مبدعين ، الابداع شيئ اخر مختلف تماما
عما نراه فيه الاطفال اليوم ، فقط دعوا
الطفل للطفولة مع الايام كفيلة ان تجيب عن كل اسئلة الانسان العالقة و المؤجلة .
و الى ان تتم عذه المعرفة يكون لكل حادث حديث !.