جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

الثقافة تنقذ الصحافة

 

الثقافة تنقذ الصحافة

العقيد بن دحو

حتى القرن الثامن عشر كانت الناس لا تقرا الجرائد ، الصحف ، و المجلات الا اذا تضمنت في احد طيات صفحاتها شيئ من الادب و الفن و الفكر و الثقافة .

ذاك كون الثقافة  مكونها الاساسي الانقاذ اولا.

و لان جوهر طبيعة الكتابة  تاويلا تطرح عدة اشكالات سياسية اجتماعية ثقافية و حتى اختلاقية ابداعية ، تدل حينئذ عن الخسارة اكثر منها على الكسب.

وكيف لا تخسر الانسانية وهي تشهد اليوم ، المزيد من بريقها الانساني .  ترى محور و مركز ثقل المسؤولية لم يعد في العلاقات بين الجنس و النوع البشري ، بعصهم بعضا ؛ بل بالعلاقات بين الاشياء (...) !

ومنذ ظهور الانطباعية تحلل الكائن البشري الى  مجرد اشارات ، اشكالات ، لبوسات ، لوغوسات ، و رموز ، و الى الوان و ضوء. بل صار مجرد برغي صغير في دولاب ترس كبير ،  لاجهزة عملاقة ، و كانها القضاء و القدر ؛ تتحكم فيه و تقرر مصيره ، مما صار الشيئ المنتوج يتحكم في الاتسان المنتج ، تحت ضغظ ليبرالية السوق و كارتل  للشركات المتعددة الجنسيات الضاغة على الانسان و بيئته و حتى على الدول.

تتدخل الثقافة بحكم كونها انقاذ ، و بحكم ما يجب ان نتعلمه بعد ان نتعلم كل شيئ ، و الثقافة ما يبقى بعد ان نخسر و ننسى كل شيئ.

لقد تنبا نابليون بونابرت مبكرا الى دور الصحافة ، و كيف لا ، وهو من ازدرد الجيوش ، و في سنة 1792 قال : " صحيفة واحدة تعادل مئة حرب ".

بل في عهد نابليون بو نابرت ، يعود اليه الفضل في سن و تقنين ، و تشريع القوانين ، ليمكن الصحافة نقل " الثقافة" من الدوائر و القطاعات الثقافية الى " الدوائر الشعبية ".

اين يذوب الاستغلال الثقافي بالاستغلال الاعلامي.

ومع التطور الثقافي و الحضاري للصحافة و صار اعلاما ، لا يكتفي بنقل الخبر ، بل عمل على صناعة الخبر ، تحت شعار : الخبر مقدسا و التعليق واجبا " صارت بدورها الصحافة سلطة ؛ (سلطة رابعة). كما صار الادب و الفن و الثقافة بدورها سلطة ؛ سلطة (Mana) : نسبة الى فكرة "الماناليزم" Manaleisme ؛ اي الايمان بوجود قوة و قدرة و طاقة في الشيئ ذاته.

لم تعد الصحافة تكتفي بمجاراة التاربخ الراصدة ، السابرة للاحداث ، و انما العابرة له ،  ما بعد الاحداث و الاثر الذي يخلفه الحدث نفسه. بمعنى صارت لها المقدرة على الاستشراف. و الصحافي صار مبدعا و فنانا في نقل الاخبار يرى من زوايا ورؤى متعددة . تضاهي رؤية الرسام عندما يرى بالالوان ، و تضاهي رؤية النحاث عندنا يرى بالحجوم ، و تضاهي رؤية الروائي ، عندما يرى و فق الانطباعات المعاشة او واقع الشعور كما هو في علم النفس.

اخيرا صارت الصحافة الكلاسيكية التقليدية اعلاما ، مقروءة ، مسموعة ، مرئية ، و رقمية ايضا. اين لم يعد ( المستهلك) النمطي ينتظر  ان ينقل له الخبر عبر وسيلة اعلامية (...)! بل صار في قلب الحدث. بل صار شريكا و فاعلا و صانع محتوى عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعي الحديثة.

صحيح الاعلام مجددا يسقط في نفس الدورة التاريخية ، دورة الازمة الاعلامية. غير ان و عبر الثقافة مجددا و الادب و الفن بامكانه ان ينهض مجددا ، و ان يكون متصالحا مع قوالب العصر الحديث و لا سيما الرقمية  ، الخفيفة منها و الثقيلة.

وفي ظل تراجع العديد من القيم الاعلامية المعهودة ، اذ لم نعد نرى تلك الجرائد في ايدي الساكنة و لا في جيوب سراويل انصاف المتعلمين ، و لا في صفوف طلبة الثانويات و الجامعات ، و صار الهاتف المحمول اكسير شغف الملايين منهم ، يملا الفراغ النفسي الروحي الذي تركه الاعلام الكلاسيكي. ساعتئذ بامكان الفن و الثقافة عموما التي هي غضة ان تعيد لما هو صحافة هبته و هيبته ، اذا عرفت كيف تجتاز هذه المرحلة بروية و تعقل و عدم تسرع ، مع تفهم لما يحدث من انقلابات و تغيرات طارئة عصر و منطق في  ما تعاهد الناس عليه : صور ، كلمة ، فكر ،  فعل ، و جعل بالحسبان  المواطن القارئ (المستهلك) صار سيد اعلام محتواه صناعة و خبرا و قراءة واعلانا ايضا.

بامكان الثقافة ان تنقذ الاعلام مجددا ان انتبه هذا الاخير وعاد الى الدوائر الشعبية الاكثر احتياجا للمادة الاعلامية ، حرفة و احترافية كصناعة الخبز.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *