جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

حادثة دنشواى (أمُّ محمّد وصاحبُ الجُرن .. ونهاية اللورد كرومر)

 

حادثة دنشواى

(أمُّ محمّد وصاحبُ الجُرن .. ونهاية اللورد كرومر)

 -----------------------------------------------------------

في الثالث عشر من شهر يونيو عام (١٩٠٦م/١٣٢٤ه)

                وقعت حادثة "دنشواى".

وتفاصيلها : أنّ خمسةً من ضباط الجيش الانجليزى

أبلغوا مأمور مركز "منوف" أنهم  يرغبون الصيد في

قرية دنشواى،التابعة لنقطة بوليس الشهداء، فأجرى المأمور  لهم   الترتيبات  اللازمة   وأرسلهم.  بصُحبة "أونباشى" وترجمان مصرى لقرية دنشواي ،  وذهب "الاونباشى" لإخبارِ  عُمدة  القرية بنبأ  هذه  الزيارة،

ولكنّ الضباط الانجليز لم ينتظروا عودة"الاونباشى"

 وشرعوا  في  الصيد ، وجاسوا  في  أجران  القمح ،

 واطلقوا  الرصاص  علي  بعض   الحمام  ، فأخطأوا وأصابوا  ( أم محمد )   زوجة   ( محمد عبد النبى )

مؤذِّن   المسجد  ،  فسقطت  جريحة  مُضرَجة  في دمائها،كما أصابوا جُرن القمح فاشتغلت فيه النيران،

 فاهاج  ذلك  زوج  المرأة  وصاحب  الجُرن ، وبقيّة الأهالى،فهاجموا الضبّاط ،  فحاول الضابط  المُعتدي وزميلٌ له بالفرار خوفاًمن الأهالي،فقطعا نحو ثمانية

 كيلومترات   تحت  وهج   الشمس   وهما يجريان ،

فسقط  أحدهما  وهو  الكابتن (بول)  صريعاً بسبب

 ضربة شمس .

ولم يكد نبأ  هذا  الحادث  يصل إلي  أسماع سلطات الاحتلال ، حتي  جُنَّ  جنونها  وفقدت اتّزانها ، فبدأ الجهاز   الإدارى   يتحرّك  بسرعة  ، واسرع   المستر

(منشل) مستشار الداخلية إلي مكان الحادث، وألقي القبض  علي مئاتِ  الأهالي ، وساد  جوٌّ  من الإرهاب

قرية دنشواي والقري التي حولها.

وبعد خمسة أيام من وقوع الحادث، في (١٨يونيو)

نشرت جريدة"المُقَطَّم" قبل أن ينتهي التحقيق في الحادثة  : " أنَّ  الأوامر   صدرت   بإعداد   المشانق وإرسالها لمكان الواقعة".

وقبل انقضاء سبعة أيام علي الحادث ،في (العشرين من يونيو)،صدر الأمر بتشكيل المحكمة المخصوصة التي صدر  بها  الأمر  العالي ،  والتي حُدِّد  لانعقادها يوم(٢٤ يونيو)في شبين الكوم،وكان أغلبيةُ أعضائها

 من الانجليز،وليس بها إلاّ(بطرسغالي) وزيرالحقانية،

الذي كان يرأس المحنة بنَصّ القانون ، و ( أحمد باشا فتحى زغلول) رئيس محكمة مصر الابتدائية ، وكان

 عددُ   المتهمين   الذين   قُدّموا    للمحاكمة (  اثنين وخمسين مُتَّهماً) وكانوا  قد قُدِّموا  جميعاً   مقبوضاً

عليهم   ،  وقام ( أحمد لطفي السيد )   بالدفاع  عن المُتّهمين ، بينما اختار الانجليز محامياً مصرياً يُدعَي

(ابراهيم الهلباوى)  للقيام بدور  الادّعاء  ، فاستخدم (الهلباوى) براعته الخطابية في طلب  التشديد  علي المُتّهمين ، واستعمال منتهي الشدة والبطش .

وصدر الحُكمُ في(السابع والعشرين من شهر يونيو)

ب:

١) الإعدام شنقاً لكلًّ من (على حسن علي محفوظ) و(يوسف حسن سليم) و(السيد عيسى سالم)

و(محمد درويش زهران)..علي أن يتمّ التنفيذ علناً في قرية دنشواي.

٢) الحُكم علي اثنين من المتهمين بالاشغال الشاقة المؤبّدة.

٣) الحُكم على واحد من المتهمين بالاشغال الشاقة

لمدة خمسة عشر عاما.

٤) الحُكم بالسجن سبع سنوات علي ستة من المتهمين.

٥) الحكم بالحبس مع الشُّغل سنة واحدة علي ثلاثة من المتهمين، وجلد كلّ واحد منهم خمسين جلدة،

علي أن يُنفّذ حُكم الجلد أولاً في دنشواى.

٦) الحكم بالجلد خمسين جلدة علي خمسة من المتهمين،وأن يُنفّذ الحُكم في دنشواى

٧) براءة باقي المتهمين والإفراج عنهم فوراً.

رغم أنه قد ثبت طبّيّاً أنّ وفاة الضابط كانت بضربة شمس ، وليس نتيجة اعتداء مباشر عليه، وقد  كان

 الحُكم في قمة الظُّلم والقسوة.

وسرعان ماحوّلت سلطات الاحتلال الحكم من دائرة الظلم والقسوة لدائرة الوحشية والبرية.. فقد اختار

 الانجليز أن يكون التنفيذ  عقب  صدور  الحكم في

 اليوم التالي ،فلم يتركوا  وقتاً  لمراجعة  الحُكم ، أو تخفيفه  ،  ولو  لبعض   المحكوم   عليهم  ،  فنصبوا المشانق في ذات القرية ، وأجروا  تنفيذ الحُكم  في المتهمين المنكوبين علي مرأي ومسمع من زوجاتهم وأبنائهم ، وتحوّل الأمر إلي مجزرة بشرية.

وقد  وصف ( أحمد حلمى) مندوب جريدة "اللواء*

ماحدث قائلاً:" كان دمى يجمُد في عروقى بعد تلك المناظر   الفظيعة ، فلم  أستطع  الوقوف  بعد  الذى شاهدته ، فقفلتُ  راجعاً  وركبت عربتى ، وبينما كان السائق   يُلهب  خيولها  بسوطه  كنتُ  أسمع  صياح هؤلاء   المحكوم  عليهم   والجلاد  يُلهب  أجسادهم بسوطه….ومعذرتى واضحة لاني لم  أتمالك  نفسي وشعوؤى أمام البلاء الواقع الذى ليس له من دافع.."

وكتب (قاسم أمين) قائلاً:...رأيتُ كلَّ شخص تقابلت معه  قلباً  مجروحاً   وصوتاً  مخنوقاً ..  كان  الحزن

علي  جميع  الوجوه …ترى  الناس  يتكلمون  بصوتٍ

خافتٍ وعبارات متقطعّة وهيئة بائسة..كانت أرواح المشنوقين تطوفُ فى كل مكان من المدينة…"

كان (مصطفى كامل) في ذلك الوقت بباريس ، إذ كان قد سافر إليها في يوم (١٣يونيو) ، فوصلته أنباء مجزرة دنشواى،فكتب في جريدة"الفيجارو" الفرنسية رسالته"إلي الأمة الإنجليزية والعالم المتمدين" ، ووجّه ضربتَه إلي اللورد كرومر"المندوب السامي البريطاني" قائلاً:"..أفلا يتحتم علي اللورد كرومر أن يعترف بافلاس سياسته ..أن تكون هذه هي نتيجتها بعد ثلاثٍ وعشرين سنة؟".وسافر (مصطفى كامل) سريعاً من باريس لانجلترا ،لكى يتابع حملته،ويؤجّج سخط الأحرار من الانجليز الذين غضبوا للحادث،

فأجّج سفره لانجلترا جذوة المعرضة،وفتحت له الصحف الإنجليزية صفحاتها، فاهتزّ مركز اللورد كرومر ، خاصة بعد أن نبّهت مقالات مصطفي كامل الأذهان داخل انجلترا إلي أنّ كرومر حكم

مصر مدة طويلة حكماً مطلقاً،دون أن تكون هناك مراجعة لسياسته، وقدّر الشعب المصرى جهاد مصطفى كامل الذي هدم كل ماحاول اللورد كرومر أن يبنيه طوال ثلاث وعشرين سنة،وأن يُنزله من فوق عرشه..

وفي أول أبريل ،عقب فراغ اللورد كرومر من تقديم تقريره السنوى عن عام١٩٠٦م لوزير الخارجية،قدّم كرومر استقالتَه من منصبه.

----------------------

حامد حبيب_مصر


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *