حامد حبيب
مارتن لوثر وحركة الإصلاح
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
عندما اخترع (يوهان جوتنبرج) الطباعة
، احتفى بها الفلاسفة واعتبروها
اعظم منحة إلهية
، لانه بسببها سوف يعرف الناس الدين الصحيح ، فبدونها ماكان
لمثل(مارتن لوثر)أن ينشر افكاره فى الإصلاح
وإن يُكتَب
لها النجاح من خلال كُتبه التى طُبِعت،
فقد اصبح
الكتاب المطبوع سلاحاً قوياً فى يد لوثر
ومويّدى
افكاره الجديدة، بعدما احتدم الجدل حول طبيعة
المسيح (عليه السلام) ، وما
تعرّضت له المسيحية من
خطر ظهور الإسلام
وانتشاره فى القرن السابع
الميلادي ، ومع سقوط القسطنطينية
فى ايدى
الاتراك المسلمين فى القرن الخامس عشر
الميلادى ، وبعدما
جمع البابا بين
صفته الدينية كرئيس للكنيسة وصفته
الزمنية السياسية كحاكم دنيوى ...ومع ترك
رجال الدين مهمتهم
الأصلية، وهى المهمة الدينية
الروحية ، وانصرافهم
لِمُتَع الحياة ، حتى صاروا جماعة
من المُترَفين الذين لايعرفون إلا مصالحهم الخاصة
وعيش حياة البذخ والترف والخدم والحشم والقصور والعبيد ،بدلاً من حياة التقشُّف والزهد...ومع رغبتهم والبابا فى جمع المال ، وفرض الإرادة
على الشعب الالمانى
وبقية شعوب غرب أوروبا
، وإرسال اتباعهم من
رجال الدين لجمع المال
بكافة السُّبل ، وارتكاب
رُسُل البابوات جرائم الرشوة
والابتزاز ، بحجة الاستعداد
لحرب صليبية
ضد الاتراك العثمانيين ..ومع ابتداع
صكوك الغفران
وبيعها الغفران الذنوب
والخطايا والآثام ، والخلاص من
عقاب الآخرة وعذاب النار،
ومع التوسُّع
فى بيعها باعتبارها
من اهم المصادر لتوفير المال اللازم
البابوات وكبار رجال الدين، وبعد
ان أصبح
غالبية عملاء الكنيسة
فى مجال بيع صكوك
الغفران من رجال المصارف المالية من اجل
تنظيم بيع
صكوك الغفران على اصول تجارية بحتة.
_ ومع نموّ
الحركة الإنسانية فى عصر النهضة واشتداد ساعدها
واهتمامها بالإنسان ككيان
قائم بذاته ، وماترتّب على
هذه الحركة من
تحرُّر فكر الإنسان من قيود الكنيسة.
وكان
حتماً مقضيّاً على المجتمع الغربى الأوربى إن يثور على
الكنيسة ثورة عارمة ،
ليتخلّص من كابوسها وسطوتها .
_ فكان
للمطبعة اثر خطير
حيث أتاحت للقُرّاء الاطّلاع على
الكتب المقدسة ودراستها
، بعد ترجمتها إلى اللغات
الحديثة ، فنقلت للناس صورة أمينة
وصادقة عن امور
الدين وقواعده وتعاليمه
وبساطته وفهم
معانيه ، مما دفعهم
لعدم التقيّد بتعاليم البابا ورجال
الدين، والتى تتنافى مع بساطة المسيح
ورسالته . فلولا الطباعة
ماكشف الناس مزاعم رجال الدين
وتعاليمه الزائفة.
_ فكان للطباعة
فضلٌ على ثورة
الألمانى (يوحنا روكلن) الذى كان
من كبار المصلحين (١٤٥٥-١٥٢٢م)
والذى
راح مع تلاميذه يبحثون فى مساوئ الكنيسة
وعيونها ومفسادها
، فأثاروا تفكير المثقفين .
_ وساعدت
الطباعة (ارزمس) الهولندى ،
الذى راح يسعى فى الليل الراى العام ضد البابوية ومفاسدها
بما كان
ينشر من آراء
وافكار متحررة شديدة التاثير
، وترجم "الكتاب المقدس" فلما قراه الناس
اخذوا فى
تخليص انفسهم من
سطوة وسيطرة رجال الدين.
_وساهمت الطباعة
فى نشر آراء
(مارتن لوثر) الثورية وغيره من
المفكرين الألمان ، الذى راحوا يتعرضون بالنقد والتجريح لمفاسد
البابوية.
_فكان للطباعة
إثرها البالغ فى ظهور شرارة الثورة
الدينية فى المانيا على الكنيسة الكاثوليكية فى روما
.. فحين ارسل
البابا أحدَ الرهبان
فى عام ١٥١٧م لتوزيع صكوك الغفران
على الناس فى ألمانيا،أثار هذا العمل (مارتن لوثر) الذى تزعَّم
ثورة دينية لإصلاح الكنيسة ،
والذى ترتّب عليها
ظهور المذهب البروتستانتى ، ووضع احتجاجه المطبوع على باب كنيسة "فتنبرج" فى ( ٣١أكتوبر ١٥١٧م) ..
وكان هذا الاحتجاج يشتمل على
"٩٥بنداً " منافية لصكوك الغفران.. حيث قال إن الغفران
رهنٌ برحمة الربّ وحده
وليس رهناً بصك
الغفران المُباع ، وإن البابا
لايستطيع
التدخُّل فى غفران الذنوب.
_ومع احتدام
المدّ الثورى فى عامَى (١٥١٧)و(١٥٢٠م)
راح (مارتن)
يُعبّئ الرأى العام
بسلسلة الكتابات الدينية المطبوعة.
_ وأوضح إن
ادّعاء رجال الدين انهم اصحاب الكلمة الأخيرة
، اخوانهم يختلفون عن
عامة الناس، هو محض افتراء
، وإن روما مدينة
منحلّة أخلاقياً ، فليس هناك
من ضرورة للحج إلى روما ، وإن البابا هو
عدو المسيح ، ووجّه (لوثر ) اعنف
النقد لرجال الدين المسيحى على
حياة البذخ والرفاهية التى يتمتعون بها.
_ووجّه من
خلال كتاباته المطبوعة الدعوة إلى أمراء
المانيا وفرسانها
، يهيب بهم إن
يتزعّموا حركة الإصلاح على
اساس ان رجال
الدين خاضعين للسلطة الزمنية ، وإن
البابا ليس وحده صاحب الحق فى احتكار الكتاب
المقدس ، وعليهم واجب يجب
تأديته لخدمة الإنسانية ، وهو الإشراف على الدين فى بلادهم.
_وجمع (مارتن لوثر)
جميع مبادئه وآرائه
الدينية رالسياسية في عام١٥٢٠م ، وإخراجها فى ثلاثة اسفار
اطلق عليها
"رسائل الإصلاح" وكانت رسائل مطبوعة
_________________________________
*(يوهان
جوتنبرج): ولد فى مدينة "مينى"
بالمانيا
عام١٤٠٠م ،
وهو مخترع الطباعة ، ومبتدع الحروف
المصقولة
والمنفصل بعضها عن بعض . ولم يكسب
شيئاً من
وراء هذا الاختراع
، بل إنه عندما طبع الكتاب المقدّس
، نسى ان يكتب اسمه على صفحاته
وتوفى
سنة١٤٦٨م.