الهند...أرضُ العجائب ١٥"_ أورنكزيب عالمكير
الهند...أرضُ العجائب ١٥"_ أورنكزيب عالمكير
"India... wonderland"
---------------------
اعتلى ( أبو المظفّر محمد محيى
الدين أورنكزيب عالمكير)عرش الهند عام ١٠٦٩ه/١٦٦٩م ،والبلاد
يعمّها الخراب الشامل الذى اكتسح حقولها ومروجها إبان حروب الوراثة الجامحة
التى قامت بينه وبين أخيه
(داراشكوه) وهما ولدا (شاهجهان)
..وعمّ القحط أيضاً بسبب
انحباس الأمطار الموسمية ، فأتى على البلاد من أخضر ويابس.
فقام(أورنكزيب) بوقف عدد من المكوس والضرائب
تخفيفاً عنهم ورحمة بهم.
اشتهر (اورنكزيب) منذ أول
شبابه بتمسكه الشديد بتعاليم السُّنّة
،حتى أبطل عادة الاحتفال ب"النيروز" عيد الفرس ، وحظر دخول بلاده على
مذهب الشيعة وغيرهم من أصحاب هي غير السنيّة.
وحرص وعلى أن يصبغ
دولته بالصبغة الإسلامية الخالصة ، إلى أن اشتدّ فى
تحريم الخمر والميسر
تحريماً قاطعاً وأبطل البدع ، ثم
أمر بتعمير المساجد
وترميم ماخرب منها
، وأمدها بالأئمة
والوعاظ والمدرسين ، وحضّ الناس على حضور حلقات العلم
..ثم بعث_ بعد ذلك
_ المحتسبين لمراقبة
سلوك الناس وحملهم على التمسك بتعاليم الشرع والابتعاد عن نواهيه.
راح بعد ذلك يُبعد الهنادكة عن مناصب الدولة الكبرى
ويقلّل من عددهم فى
الدواويين عامة ، وأغلقت
كثيراً من مدارسهم ومنعهم من إقامة
معابد جديدة لهم،حتى هدم معبدَى بنارس
وسومنات ، وأقام على أنقاض معبد"متهُرة"مسجداً كبيراً ، بعد أن بدّل اسم هذه المدينة
إلى"اسلامبور" ، ونقل أوثان هذا
المعبد المكللة بالجواهر إلى
"أكرا" وردم بها أساس
مسجد "نواب بيكيم" ؛ حتى يطؤها المسلمون بأقدامهم فى صلاتهم تقرُّباً
إلى الله..وأعاد فرض جزية الرءوس
على الهنادكة ، وأعفى منها غير
القادرين عليها.
وقد قضى ستة وعشرين عاماً فى حروب
متواصلة
بالدّكَن والجنوب جهاداً فى سبيل نشر الإسلام بين الهنادكة ، إذ أوقف حياته كلها على إعلاء شأن السُّنّة
ونشر لواء الإسلام ومجاهدة عبادة
الأوثان،وقضى أيامه على خير مايقضيها
مسلم تقى..يحفظ القرآن ويصوم أغلب أيامه ، حتى كان
لايتردّد فى أعنف المعارك
أن ينزل عن دابته فيؤدى الصلاة في
وقتها
باطمئنان فى وقتها باطمئنان وخشوع وكأنه يقيمها
بالمسجد الجامع أو في داره.
وبلغ من و ورعه وتجنّبه
للترف والمُتَع أن أبعد الموسيقيين والمطربين
عن بلاطه برغم براعته في العزف ، وخيّر
الراقصات بين الزواج
أو النقى فى الأرض، إلى جانب
ماعُرف عنه من التواضع والعدل وبرّه
برعاياه حتى أمر
قضاته أن يهتموا
بقضايا الناس ومشكلاتهم وسرعة الفصل فيها.
ولم يلبس (أورنكزيب) إلا بسيط الثياب ، ولم يسمح لأحد أبداً أن يغتاب غيره
في حضرته،وأدى به ورعه
وزهده إلى أن كفّ يده
عن بيت المال، فعاش على ماكان يكتسبه
من صُنع الطواقى
بنفسه ونسخه للقرآن الكريم بخطّى
الشكست "الرقعة"وكان له في كتابته ذوق فنى رفيع،وكان يبعث ببعض
هذه النُسَخ
هدية منه إلى الحرمين
الشريفين ، وقد كان من أمانيه
أن يحج إلى البيت الحرام، لولا ماخافه من اضطراب
أمور الهند فى
غيبته ، فأخذ على عاتقه تيسير سبل الحج لرعاياه.
ولم يشتغل (أورنكزيب)فى حياته بغير
علوم القرآن والسنة فى الغالب ، على تمكنة من الآداب الفارسية وبراعته فى النظم الذى عدل
عنه حذر الغواية.
وقد ألّف بأمره وإشرافه موسوعة مهمة تجمّل أقوال أئمّة الفقه
الحنفى فى المذهب
، وهى المعروفة بالفتاوى الهندية
أو"العالمكيرية".
______________(نواصل....إن شاء الله)
حامد حبيب_ مصر