لماذا يفضل ان نقول كل عام وانتم بخير بدلا من كل سنة وانتم طيبين ؟؟
إعداد عزة عبد النعيم
الفرق بين السَّنة والعام
وردت في القرآن الكريم
كلمة السنة والعام ، فما الفرق بينهما ؟ وهل هما مترادفتان تدلان على نفس المعنى،
أم أن هنالك فرقاً في الدلالة ؟
نظرت في بعض الآيات
التي ذُكرت فيها ( السنة ) إن على سبيل الإفراد ، أو على سيبل الجمع ، مع الانتباه
إلى الكلمة التي تأتي بعدها ، وهذه بعض الآيات على سبيل المثال :
قال تعالى :
ـ ( فإنها محرمة عليهم
أربعين سنة يتيهون في الأرض ) المائدة : 26 .
ـ ( وإن يوماً عند ربك
كألف سنة مما تعدون ) الحج : 47 .
ـ ( حتى إذا بلغ أشده
وبلغ أربعين سنة ) الأحقاف : 15 .
ـ ( فلبث في السجن بضع
سنين ) يوسف : 42 .
ـ ( ولقد أخذنا آل
فرعون بالسنين ) الأعراف : 130 .
أما بالنسبة لأهل الكهف
فقد قال تعالى : ( ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ) الكهف : 25 .
أما الآيات التي فيها
لفظ ( العام ) فقوله تعالى :
- ( فأماته الله مئة
عام ) البقرة : 259 .
ـ ( ثم يأتي من بعد ذلك
عام فيه يُغاث الناس ) يوسف : 49 .
ـ ( وفصاله في عامين )
لقمان : 14 .
ـ ( فلبث فيهم ألف سنة
إلا خمسين عاماً ) العنكبوت : 14 .
- ( فلا يقربوا المسجد
بعد عامهم هذا ) التوبة : 28 .
هذه بعض الآيات التي
تتحدث عن السنة والعام ، فما الفرق بينهما ؟
بعد البحث والتدقيق
تبين ما يلي :
1- السنة والعام كلاهما
مفردات زمنية ، وكلاهما متماثلان من حيث الشهور ومن حيث الأيام ( اثنا عشر شهراً
).
2- العام ثلاثمائة
وستون يوماً والسنة كذلك ، لكن السنة في اللغة القرآنية تذكر للاثني عشر شهراً ،
وللثلاثمائة وستين يوماً التي فيها معاناة . ومثال ذلك : إذا مرّ عليك اثنا عشر
شهراً عشت فيها معاناة ، سواء أكانت معاناة خير أو شر، فستقول : مرّت عليّ سنة ،
أما إذا مرّ عليك اثنا عشر شهراً لم تعاني فيها وكنت في رخاء ، سواء أكان هذا
الرخاء مشروعاً أم غير مشروع ، فستقول : مرّ عليّ عام . ودليلنا على ذلك الآيات
التي ذكرناها ، فالله عز وجل قال : ( أربعين سنة يتيهون في الأرض ) أي يعانون فيها
من التيه .
وحين قال : ( كألف سنة
مما تعدون ) مما تعدون السنة بعد السنة ، مما تعدون أنتم لا مما لا تعدون ، ولو
كان مما لا نعد لقال كألف عام مما لا تعدون .
وفي قوله : ( حتى إذا
بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ) فهو في كل سنة هو يتعلم ويعاني .
وقال أيضاً : ( ولقد
أخذنا آل فرعون بالسنين ) لأنها كانت شداد صعاب .
وقال : ( ولبثوا في
كهفهم ثلاثمائة سنين ) لأنهم لم يكونوا ميتين ، وقد شعروا بهذه السنين ، فقد كان
الله يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وطالت أظافرهم وطالت شعورهم ، فهم في معاناة
لأنهم نائمون ولم يكونوا بميتين . لكن عندما مات الإنسان قال عنه : ( فأماته الله
مئة عام ثم بعثه ) ولم يقل مئة سنة ، لأن الموت فيه رخاء وليس فيه معاناة ، فالعام
: لا تشعر به ، وفيه رخاء سلبي أو إيجابي .
وقال : ( ثم يأتي من
بعد ذلك عام فيه يغاث ) لأن فيه رخاء ، والغيث رخاء .
وقال : ( وفصاله في
عامين ) وهما يمكن أن يتبادر إلى الذهن سؤال مفاده : لِمَ لمْ يقل وفصاله في سنتين
باعتبار أن الإرضاع فيه معاناة ؟ أما الجواب فهو : أن المرأة ترضع لكنها في حالة
سرور ، وكأن الله يقول للمرأة أرضعي ولدك عامين ، لأن الإرضاع لمصلحتكما وأنتما في
حالة سرور ، فالطفل الرضيع يُسرّ والأم المرضع تُسرّ أيضاً ، وهذه دعوة مُبطنة
للإرضاع الطبيعي .
وقال : ( فلبث فيهم ألف
سنة إلا خمسين عاماً ) ألف سنة : فيها معاناة ، خمسون عاماً : لم يكن يدعوهم فليس
هناك معاناة ، فسيدنا نوح لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، خمسون عاماً لم
يكن يدعو ، بينما في الفترات التي كان يدعو فيها كان في معاناة : ( وإني كلما
دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا
استكباراً ) فقد كان يلقَ منهم العَنَت الكبير، وكان يدعوهم ليلاً ونهاراً ، لذلك
كانت مدة لبثه في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً .
3- لو نظرنا إلى القرآن
الكريم لرأينا أن ( السنة ) وردت تسع عشرة مرة ، سبع مرات مفردة ، واثنا عشرة مرة
مجموعة ، أما العام فقد ورد مفرداً فقط سبع مرات ولم يرد مجموعاً ، فكلمة أعوام
غير موجودة في القرآن .
والسرّ في ذلك أن
القرآن يحث الإنسان من أجل أن لا يكثر من اللامعاناة ، الرخاء ، فالذي لا يعمل لن
يذوق طعم الراحة . ولم يذكر الله الأعوام بالجمع حتى لا تكثّر عليك من أعوام
السرور .