ماذا إذا؟ سقطت في كوكب المشترى
ياسين هيثم
يتكون المشترى من غاز الهيدروجين الهيليوم فإذا سقطت عليه كأنك سقطت على سحابة أو في الهواء لأنه على توجد طبقة صخرية صلبة مثل كوكب الأرض والمريخ.
فعندما تدخل
الجزء العلوي للغلاف الجوي للكوكب سوف تدور بسرعة تصل إلى ١٧٧ ألف كيلو متر في
الساعة تحت سحب جاذبية المشترى ولكن تواجه خطورة التصادم بغاز له كثافة كبيرة
بأشبه بالإصطدام في جدار صلب.
بعد حوالي ٣
دقائق سوف تصل إلى ٢٥٠ كيلومتر أسفل قمة الغلاف الغازي لكوكب المشترى و هنا سوف
تواجه كامل تأثير دوران كوكب المشترى حول نفسه فكوكب المشترى هو الأسرع في الدوران
حول محوره في نظامنا الشمسي فاليوم في الكوكب ب٩ ساعات ونصف من كوكب الأرض فهذا
يخلق سرعة كبيرة للسحب التي تصل سرعتها إلى ٤٨٠ ألف كيلو متر في الساعة.
عندما تصل
ل١٢٠ كيلو متر أسفل السحب سوف تصل إلى الحد الذي لم تصله الإكتشافات البشرية فقد
طار المجس غاليليو على مسافة أقل عمقا في جو المشتري في عام 1995. واستغرق فقط 58
دقيقة قبل أن يصل إلى هذه النقطة قبل أن تفقد الاتصال وتدميرها في نهاية المطاف
بسبب الضغط الجوي الهائل الذي يزيد عن 100 مرة من مقدار الضغط الجوي على سطح
الأرض، وفي هذه الحالة فأنك لن تكون قادرا على رؤية أي شيء، لذلك ستكون بحاجة إلى
أدوات خاصة لاستكشاف البيئة المحيطة بك. وإذا ما وصل المجس المقترح على عمق 690
كيلومترا أسفل الغلاف الجوي للمشتري، فان الضغط الجوي سيصل إلى أكثر من 1,150 مرة
أعلى، وهنا لن يبقى المجس على قيد الحياة، بسبب الضغط ودرجة الحرارة الكبيرة جدا والتي
لا يمكن لأي مجس فضائي تحملها. ومع ذلك، دعونا نتساءل هل يمكن أن نجد وسيلة للغوص
إلى أعماق ابعد داخل الغلاف الجوي للمشتري؟ الحقيقة أنه لو تحقق لنا ذلك فسوف
نكتشف بعض اغرب أسرار المشتري، ولكن للأسف فلن يكون لديك أي وسيلة اتصال لإخبار
العلماء على الأرض أو حتى في الفضاء عما تراه داخل الجو العميق للمشتري لأنه يمتص
موجات الراديو، لذلك ستكون بعيدا عن العالم الخارجي، وغير قادر على التواصل.
وعلى فرض
أنك وصلت إلى عمق 4000 كيلومترا، فأن درجة الحرارة هناك تصل إلى حوالي 3370 درجة
مئوية، وهي حرارة كافية لإذابة التنغستن Tungsten وهو المعدن صاحب أعلى نقطة
انصهار في الكون. وعند هذه النقطة، سوف تكون قد انخفضت لمدة 12 ساعة على الأقل،
ومع ذلك فأنك لا زلت في منتصف الطريق. وعلى 21,000 كيلومتر، يمكنك الوصول إلى
الطبقة الأعمق في كوكب المشتري، ويصل الضغط عند هذه النقطة إلى 2 مليون مرة أقوى
من الضغط الجو على سطح الأرض. ودرجة الحرارة تكون أكثر سخونة من سطح الشمس. هذه
الظروف قاسية جدا بحيث أنها تغير كيمياء الهيدروجين من حولك، وتضطر جزيئات
الهيدروجين إلى أن تقترب من بعضها البعض بحيث تفقد الإلكترونات فيها، وتشكل مادة
غير عادية تسمى الهيدروجين المعدني Metallic Hydrogen وهو معدن شديد الانعكاسية
للغاية، لذلك لا تحاول استخدام جهاز الإضاءة لترى أمامك لأنها ستكون مستحيلة. كما
أنها طبقة صلبة جدا مثل الصخور، لذلك كلما عمقت أكثر داخل الغلاف الغازي، فأن قوة
الطفو من الهيدروجين المعدني تقاوم سحب قوة جاذبية المشتري للأسفل، وفي نهاية
المطاف، عندما تتساوى هاتان القوتان، فسوف تجعلك عائما في منتصف كوكب المشتري، غير
قادر على التحرك صعودا أو هبوطا، ولا وسيلة عندئذ للهروب!
ياسين هيثم