القطار كمنفذ بحري على الجنوب و الصحراء
القطار كمنفذ بحري على الجنوب و الصحراء
القطار كمنفذ بحري على الجنوب و الصحراء
العقيد بن دحو
لطالما أٌعتبر ( الجمل) سفينة الصحراء , لا لكون قوائمه الأربع عريضة الميسم , مما يمكنه من مساحة عريضة أين الضغط كما وكيفا يتوزع بالتساوي على مساحة السطح / p= f / s (باسكال / ن/م2).
وانما كان يعتبر الجمل أكبر حيوان يوم ذاك حامل
للأثقال والى مسافات بعيدة. كما كان له الدور الفعال في تقليص المسافات بين عدة
قارات و ساهم بالنقل و التحول الحضاري و الثقافي و الإجتماعي و الإقتصادي التجاري
ايضا.
اليوم ومع التقدم والتطور الثقافي والحضاري
للأمم و الشعوب , كانت لا بد لهذه الأمم أن تجد منفذا بحريا على اليابسة , وشيّدت
موانئ , بعضها على شواطئ البحار وبعضها الأخر على اليابسة , يبعد عن الشاطئ
بالمئات من الكيلومترات , فكان استكشاف القطار البخاري ثم الى أحدث قطارات يشهدها
عضرنا اليوم دقة وسرعة وحمولة.
و لأن
مكون ( الزمن) أو الرهان على ربح الوقت أٌعتبر عند كثيرا من الدول العظمى استثمارا
, كاليابان التي قامت حضارتها كاملة على الزمن وتحت شعار : " أربع ساعات نوم
تعني النجاح و خمس ساعات نوم تعني الفشل ".
فكان القطار السريع ,وكان قطار نقل المسافرين ,
وكان قطار نقل البضائع , لكن بين هذا ز
ذاك ووجد قطار شامل أعم قطار نقل القيّم !.
اذن لم يعد القطار بالنمط التقليدي الكلاسيكي
لنقل البضائع و المسافرين , بل واذ هو ينقل هؤلاء جميعا ينقل أسباب الحياة والهدف
من الحياة وفلسفة الحياة , ينقل الحضارة والفكر ةالثقافة بين المدن شاقوليا و
أفقيا و العكس صحيح.
واذ القطار يمسح تلك التضاريس الطبيعية وينتقل
من الشمال , من الشرق , من الغرب الى الجنوب تراه يمسح زوايا و انحناءات هندسية
سياسية أمنية , يرسخ ويرسم و يوثق مجالات حيوية وكذا حقوقا تاريخية جغرافية , لوى
القطار تظل سيادتها وحقوقها ومجالاتها الحيوية منقوصة وغير كاملة , وعرضة
للتأويلات و التساؤلات الإقليمية و الدولية. بل
كل ما هو على القطار من قاطرات وعربات متتابعة تعمل على ازدهار المناطق
التي تعبرها السكك الحديدية ويعبرها القطار , ويصير -وقتئذ حقا وحقيقة - للطريق
حقها - يحتضنهاا الساكنة حتى اذا ما تعلق الشعب بشيئ صار قانونا.
للطريق حقا , وللسكك الحديدية حقا , ومن حق
الشعوب بواخر عملاقة بكل الأنواع وبحار , ولكن من حق الصحراء والجنوب بصفة عامة من
حقها أن تجد معادلا بحريا وموانئا على اليابسة , لا لنقلهم كمسافرين أو ( كأوديسة)
وانما لنقل وتحويل لهم الإزدهار و التنمية والتعبئة.
ما أجمل أن تستيقظ ساكنة أهالي الصحراء على وقع
تلك الأليات التي تشق الوعرات و تذلل التضاريس الصعاب , ثم تسند تلك الرايات
المعدنية والسكك الحديدية بوسط كبد الفيافي والقفار , ثم تضع ( القطار على السكة)
حكمة و وفلسفة و حكم راشد رشيد , يعيد للجزائر كامل حقوقها التاريخية ومجالاتها
الحيوية الداخلية كاملة كما هي الخارجية ايضا.
ما أجمل أن تعيد الحياة لمناطق غيّبها عنا
المناخ واحداثيات تواجدها الطبيعية , مما تبعث صورة وخيال الإنسان وفكره بالطبيعة
, ويصير عن حق وحقيقة ساعتئذ الحياة هي التي تقلد الفن , حين يتفق المهندس و
العامل , والمركبة , والسكك الحديدية في مؤشر ومكون واحد.
اذن لم يعد مطلب القطار الجنوب أو قطار الصحراء
مطلبا من ضمن المطالب الحيوية الكلاسيكية لنقل العمال والفلاحين و الموظفين و
الأجراء , او لنقل البضائع , انما لنقل ( القيّم) ولنقل ( الأمل) ما تبقى في صندوق
جد البشرية أو أبا البشرية ( بروميثيوس) لنعيد الضمير على كامل التراب الوطني ,
كلما عبر قطار ترك خلفه درسا و أمنا يعيد فينا تلك النخوة التي يشعر فيها كل مواطن
بإنتمائه القومي والعرقي للبيئة والتاريخ القومي.
قطار يمثل باخرة بل أسطولا بحريا على اليابسة ,
بشقيها المدنية والعسكرية و الأمنية على المديين البعيد والقريب , وبشكلها المعلن
و المستتر ايضا.
القطار قكرة , كما هو البحر فكرة أله عند
الإغريق (بوزيدون) فلا تحرموا سكان الجزائر العميقة من عبور هذه الأفكار , من هذا
النجاح المادي و اللامادي , والنجاح يجر النجاح.