الدولة و الرجال
العقيد بن دحو
ورد بالأثر المتداول :
" دولة لا تزول بزوال الرجال " . الكلمة مغلوطة , حتى ان حاولت
البروبجندا الدعائية أن ترسخها بالضمير الجمعي اللاوعي , ويصير قانونا أذا ما
الشعب تعلق به.
يظهر من الأدلة
التاريخية والشبيهة بالتاريخ أي ما قبل الميلاد ان الجغرافية والديمغرافية كانت
دائما عنصرا ايجابيا في بناء الحضارة الديمقراطية , بل حضارة الدولة , و المكون
الأساسي ومحور التنمية والازدهار فيها و كذا التشييد ةضمان الأمن ةالوقاية هم
الرجال صنّاع أسس وأساس اركان الدولة المتين المكين.
وبالتالي الأثر أعلاه ليس صحيحا :
دولة لا تزول بزوال الرجال , فالقضية قضية متكاملة ما يسقط على الدولة
يسقط على الرجال , وبالتالي ان زالت الرجال لم تعد قيمة للدولة , بل تكون مشاعا
وعرضة للأطماع الداخلية كما هي للأطماع الخارجية.
بالغالب المدن و الدول
عند الأغارقة القدامى أسست و لأخذت أسماء أبطال أو انصاف ألهة أو ألهة بالمرة.
و لأن السياسة قاموسها
المظلل و المضل , فهي دائما تسعى لتغم على الناس , على اعتبار هذا الرجل او ذاك من
البشاطة ومن السهولة بمكان تغييره , وانما المشكل كامن بالدولة.
أزمتنا كدول العالم الثتالث كانت أزمة رجال و ليست ازمة أوطان.
فمعظم دزل العالم
الثالث لا تقوم بصناعة الرجال , فهي تسعى الى الربح السريع في جميع الميادين
المعنوية والمادية , وتراها تخلق الدرائع والحجج لتبقى دار لقمان على حالها :
" اعطيه لي فاهم الله لا يجعلوا قرا " !
وهكذا يتوفر الجو
لأصحاب الواسطة , والموالاة , وتبعد الفرص للكفاءات و الأطر المبدعة الخلاقة. كون
الوطن منذ البداية اعتمد على اقتصاد الإستهلاك و الإستيراد أكثر منه التشجيع على
روح المبادرة والتقييم والتقويم.
هؤلاء ليسوا في حاجة
حقا الى ( رجال) وبالتالي ما ذاتعني بالنسبة اليهم كلمة (وطن) ؟ ان دخل في معيار
المعايير والمكاييل ة الموازين والربح السريح الذاتي الأناني.
تمتة فعلا نصير نشك في
هذه المقولة التاريخية : " دولة لا تزول بزوال الرجال ".
الأوطان لا تزول و أيضا
الرجال لا تزول , وانما تزول القيم , وليس الذي يعلم ويفهم كا الذي لم يقم بأي
بادرة تذكره الناس بخير.
وحتى ان قضت الرجال
وتوفاهم الله تبقى مآثرهم تقتفي مختلف الأجيال أثارهم وتقتبس منهم نورا.
الرجال (كنوز) كما يقول
المثل الشعبي , والمدن والدول مدرسة , بل مذهب ومنهج وبرنامج/(بوليس)/( polis) كما يقول
الإغريق ' بمعنى أحسن معلم.
ولك أن ترى الوطن أحسن
معلم تقوده الرجال كنوز , العلم والمال.
وصدق الشاعر اذ يقول :
بالعلم والمال يبني
الناس ملكهم *** ولا يبنى ملك على جهل و اقلال.
وعندما ترى تقنين
الجهالة والجاهلية الجهلاء هي التي تقود , ليسوا كونهم ابدعوا واستحقوا المكانة
بجدارة و استحقاق , انما كونهم كانوا من ذوي (القربى) التي فيها مآرب أخرى.
يقودنا الى قول قس بن
ساعدة وهو يوصي ابنه :
با بني:
اذا وجدت حربا خسيس
المحتد يتحكم فيها بكريم المحتد
واذا وجدت شجاعها يجبن
وجبانها بجرؤ
ففر منها وانأى الى
رابية وترقب الأحداث فإن بالأمر خيانة.
وعندما نجد الصدف -
ليست العلمية - الميكيافلية البافلوفية الصفة السائدة في مورثات/كرموزومات/صبغيات
تولي المناصب , على حساب الكفاءات والقدارات الخلاقة المبدعة حتما سيكون الضرر
بليغا بالوطن , بل ترقى الحالة هذه المرضية الى درجة خيانة , وخياة الأوطان هي من
خيانة الرجال.
كما علمتنا معظم
الحضارات الانسانية الضاربة جذورها أعماق التاريخ , حينما ذهبوا رجالات أوطانها
والت هذه الأوطان , بل ذابت وانصهرب واحتوتها دولة اكبر منها ذات رجال عظام بالفن
والثقافة والسياسة والاقتصاد.
دولة تزول بزوال الرجال
حتما , وليس كما هو معهود حسب لغة الخشب الإعلامية : دولة لا تزول بزوال الرجال !.
اللهم احفظ اوطاننا
وبالمقابل احفظ رجالنا جنبا الى جنب , والقضية جوهر لا تتجزأ واحدة تكمل الأخرى يا
ناس.