خُرافةُ شيشناق كشفت لمن أرادَ أن يتبصّر عدةَ أمور ..
خُرافةُ شيشناق كشفت لمن أرادَ أن يتبصّر عدةَ أمور ..
* أنَّ جهلَ الناس بتوحيد الله تعالى وحقه الأعلى سبحانه الأعلى ، يجعل النّاسُ يتمسكون بقشّة الغريق ، ويدفعهم إلى الاستهانة بحقّ الله تعالى ، ويفضحُ مستورَ الجهل بالله وتوحيد حينَ ظنّ الناس أنهم أصحابُ عقائدَ صحاح لا تأتي عليها أعتى الرياح ..
* الضرب على قفا المتحذلق فائلِ الرأي الذي يقول للناس : ما لكم والتاريخَ ؟ وهل صنع لكم الماضي شيئا ؟ وكيفَ نشتغل بالتاريخ وقد سبقتنا الأمم للحضارة وبناء أعراضِ النضارة بكل سلاح وبناء واتصال ونقل .. ؟ وصراعُ المصارعين على حذاء شيشناق وتنورته .. جوابٌ على المتحذلق لو استخدم عُشر معشار عقله ..
* ليزداد الذين آمنوا إيمانا ، ويأخذَ أهل الإيمان حذرهم ، فإن هذه الوقائع تصديق لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وعلَمٌ من أعلامها ، في أنه لم تقوم الساعةُ حتّى تُعبد الأوثان ، ولن تقومَ الساعة حتى يلحق فئام من أمة النبي صلى الله عليه وسلم بالمشركين ، وحتّى تعيد الجاهليةُ سيرتها الأولى ، فإذا رآى المؤمنون بعضَ ذلك ازداد إيمانهم ليأخذوا حذرهم ويقوا أنفسهم وأهليهم من الذنب الذي لا يغفره الله ويغفر ما دون ذلك لم يشاء ..
* أنّ الناسَ مهما بلغَوا من العلم بالدنيا فإن حقيقتهم كما قال الله تعالى عمن غفل عن أمر الآخرة يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون .. ونحنُ في هذا الزمن الذي اغتر به الانسان بما وصل إليه أمن أعراض الحضارة يرمي به غروره في حتفِ عقله ، ويصابُ به بالمصائب حتى ليكون أضحوكةَ العقلاء بما مدّه به غروره إلى تصديق الخرفات وتَقلِّد الوثنيات الجاهليات ، والعبث بالعقول والنقول .. وهو في الوقت نفسه ربما يزعم التقدّم ويرمي بالجهل من أمّ المساجد قانتا لله تعالى ..فأي مصيبة تلك وأي عزاء سيحجبها عن المهانة ؟
* العالماني الزنديق
يريدُ أن يحصر تدين المسلم في غرفته بينه وبين نفسه ، أو في المسجد الذي أمكنَت منه سلطة فكر العالماني بالغلق والتضييق ، يُريدُ أن يفرض سُلطة الوثنية على الناس تحت غطاءِ حرية التدين والعادات ولو كان ذلك على أنقاض تزوير الحقائق !! والعبث بالتاريخ ! واستعمال السياسية لخدمة الدين فوق استعمال الدين لخدمة السياسة !!
* الحداثي المسكين
الذي يزعم سلوك المنهج العلمي في البحث ونقد التراث ، نجده ينقد بجهله صحيح البخاري ومسلم ، ويعبث بالتراث بدعاويه الفارغات العاريات عن البرهان وهو يلبس ثوب الناقد المحقق ! فإذا جاءت خرافة شيشناق ونظائرها من الأساطير التي لا زمام لها ولا خطام ، وما هي في ميزان العلم إلأ كخبر الذي يروي عن حمار في القرن السادس بسنده إلى الحمار الذي ركب في سفينة نوح عليه السلام ! نجد الحداثي مُسلّما بها كأنها من البدهيات التي لا يختلف عنها ..وهو أمرٌ فاضحٌ للهوى فكأنه الجارية التي قالت :
وأنا التي لعب الهوى بفؤادها ** قُتلت بحبِّ محمد بن القاسمِ
* تأثيرُ الخرافة على الناسِ هي الوجه الآخر لصورة الصنم ، فإنّ الصنمَ له صورتان : صورةٌ ظاهرة وصورة باطنة ، فالصورة الظاهرة هي الحجارة التي صُنع بها الصنم ، ولا يلتفتُ لها إلا من هبَل عقله ! والمشركون الأوائل ما كان أمرهم في الشرك متعلقا بصورة الصنم ، وهو العقلاء الأذكياء ، وإنما تعلقوا بالوجه الآخر للصنم وهو خرافة الصنم التي قادتهم إلى الفتنة به ، وقد كان الرجلُ منهم يسمعُ الصوتَ يكلمه من صنمه فيظنّه روحَ أجداده المعظمين ، وقد كان الشيطان يفتنهم بتلك الأوثان بخرافة الصنم وبعض الفتن التي تجعلهم أمامها في أمرِِ مريج ، وما خبر ابتداء الشرك في عمرو بن لحي الخزاعي عن الناس ببعيد ..
فليتَ شعري ، ما يكونُ حالُ الناس لو استمرت بهم الفتنة بخرافة الصنم ، كالعجل الذي كان جسدا له خوار ، وكالأصنام التي كانَ يُسمع منها صوتُُ يكلّم عابدَه ، أو فتنتنهم إذا ستسقوا بها فساقهم الله فتنةً لهم ؟ أيصيرُ الجزائريون عُبّاد شيشناق عن بكرة أبيهم ؟ ذلكَ لنعلمَ أنّ خُرافة الصنم تؤدي بخطوات الشيطان إلى الوثنية والردّة الصرفة ، ولاعاصم من أمر الله إلا من رحم .. وحال بينهما الموجُ فكان المُغرقين ..
* ليست العقائدُ مسائلَ تحفظ أو متونا على الألسنة تُلفظ ، وإنما زادٌ من ثقل الأخبار التي أنزلها الله على رسوله وألقاها عليه قولا ثقيلا ، فتعمله على العمل والجهاد فيه ..وجاهدهم به جهادا كبيرا ..فما نفعُ دعوى المسلم صحة عقيدته وهو مغترّ بأعيادِِ بدعية لا أصول لها إلا خرافات الصنم ؟ وخرافة شيشناق أوضحتْ لكل ذي بصيرة ضعف كثير منا في عقائدهم ، وأن البليةَ بالعقائد من أعظم البلايا التي رزئنا بها ولا حول ولا قوةَ إلا بالله ..
* وأهل أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ .. وأحبارُ سوء ورهبانها ..
عند ظهور أمثال هذه الحوادث من خرافات الأصنام ، أو الأصنام ذوات الخرافات يظهر تصديق بيت الإمام المبارك عبد الله بن المبارك ، فما ظهور مثل هذه الخرافات إلا من إفساد الساسة الذين يسوسون الناس بالجهل والنّعرات وحميّة الجاهلية والتفريق بين المؤمنين وإذكاء أورار الأحقاد ..ليمضي أمرهم إلى غايته والناس تحت رايات الجاهلية العمية صرعى ..ويظهر أحبار السوء الذين يزينون للناس سوء أفعالهم كما نرى ونسمع ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
تلك عشرة كاملة ..
أبو المعالي الظاهري