شيخ الأزهر منتقدًا "رئيس جامعة القاهرة": كلمتك غير مدروسة
ونتيجة تداعي أفكار وخواطر
لمطالبته بخطاب ديني جديد ورفضه إحياء علوم الدين.. شيخ الأزهر منتقدًا
"رئيس جامعة القاهرة": كلمتك غير مدروسة ونتيجة تداعي أفكار وخواطر
قال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب:
"ربما لا يعلم الكثيرون ما بيني وبين رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد الخشت،
من مناوشات علمية ومعرفة قديمة".
وأضاف -خلال جلسة "دور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية في
تجديد الفكر الإسلامي"، بمؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي-
"لديّ ملاحظة سريعة على كلمته، ولولا أنه قال لو أنني أخطأت فصححولي وأوضحوا لي،
لما رددت على رئيس الجامعة"، موضحًا: "كنت أود أن كلمة تلقى في مؤتمر عالمي
دولي وفي موضوع دقيق وهو التجديد، أن تكون معدة سابقًا ومدروسة، وليس نتيجة تداعي الأفكار
والخواطر، قلت كرئيس للجامعة إن التجديد هو مثل أن تُجدد منزل والدك دون أن تسكن فيه".
وتابع: "هذا ليس تجديدًا هذا إهمال وترك وإعلان الفُرقة لبيت الوالد"،
موضحا: "التجديد في بيت الوالد يكون في بيته، ولكن أعيده مرة أخرى بما يناسب أنماط
العصر"، مؤكدا: "رئيس الجامعة نادى بترك مذهب الأشاعرة وتحدث عن أحاديث الأحاد،
فأقول، الأشاعرة لا يقيمون فقههم على أحاديث الأحاد، ودرست ذلك في المرحلة الثانوية
في الستينيات، وهم لا يقيمون مسألة واحدة في أصول العقائد إلا على حديث متواتر".
وأشار: "الكلام عن التراث (عجيب)، كثير ما يقال عن نقد التراث، هذا
مزايدة على التراث، هذا التراث الذي نهون من شأنه اليوم خلق أمة كاملة وتعايش مع التاريخ،
وتصوير التراث بأنه يورث الضعف والتراجع هذا مزايدة عليه، ونحن نحفظ من الإمام أحمد
بن حنبل ما يؤكد أن التجديد مقولة تراثية وليست حداثية، والحداثيون حين يصدعوننا بهذا
الكلام هم يزايدون على التراث ومزايدين على قضية الأمة المعاصرة الآن، والتراث ليس
فيه تقديس، وهذا ما تعلمناه من التراث وليس من الحداثة".
وأكد: "أما قصة أن القرآن قطعي الدلالة وظني الدلالة ليست مقولتي
ولا مقولتك، تلك مقولة التراثيين، وتعلمناها من التراث"، موضحًا: "درست العلوم
الحديثة في المرحلة الثانوية، ودرسنا في أصول الدين البحث العلمي وعلم الاجتماع، أما
تصويرنا أننا لسنا معنا سوى المصحف والتفسير هذا الأمر يحتاج إلى مراجعة".
واستطرد: "الفتنة الكبرى من عهد عثمان، هي فتنة سياسية وليست تراثية،
وأنت كرئيس للجامعة يقتدي بك ويستمع لك طلاب، والسياسة تختطف الدين اختطافًا في الشرق
والغرب، حين يريدون تحقيق غرضًا لا يرضاه الدين".
وكان رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد الخشت، قد دعا إلى ضرورة تجديد
علم أصول الدين، بالعودة إلى المنابع الصافية وهي القرآن الكريم وما صح من السنة النبوية
المطهرة.
وأكد الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، في تعقيبه على مداخلة
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، اعتزازه بالازهر وبشيخه باعتباره
منارة علمية لايمكن التقليل من الجهود التي يبذلها الأزهر والإمام الأكبر على مختلف
المستويات، وقال إن الخلاف في وجهات النظر أمر منطقي وطبيعي في الأوساط العلمية، وأنه
يختلف ويتفق مع الأزهر ولكنه يقدره.
وكان الدكتور الخشت قد رفض في كلمته أمام المؤتمر محاولة "إحياء
علوم الدين"، ودعا إلى ضرورة "تطوير علوم الدين"، موضحًا أن العلوم
التي نشأت حول الدين علوم إنسانية، تقصد إلى فهم الوحي الإلهي، وأن علوم التفسير والفقه
وأصول الدين وعلوم مصطلح الحديث وعلم الرجال أو علم الجرح والتعديل، هي علوم إنسانية
أنشأها بشر، وكل ما جاء بها اجتهادات بشرية، ومن ثم فهي قابلة للتطوير والتطور.
وقال الدكتور عثمان الخشت، إنه بات من الضروري تفكيك الخطاب التقليدي،
والبنية العقلية التي تقف وراءه. وأن تأسيس خطاب ديني جديد، أصبح يمثل حاجة ملحة. ويجب
أن نعيد تفكيك هذا النص البشري لكي نعيد بناء العلوم، وأنه لابد من تأسيس خطاب ديني
جديد، وليس تجديد الخطاب الديني التقليدي، وأنه لا يمكن تأسيس خطاب ديني جديد بدون
تكوين عقل ديني جديد، لافتًا إلى أن تطوير العقل الديني، غير ممكن بدون تفكيكه وبيان
الجانب البشري فيه.
موضحًا أن من أهم الشروط لتكوين عقل ديني جديد، إصلاح طريقة التفكير،
وفتح العقول المغلقة وتغيير طريقة المتعصبين في التفكير، والعمل على تغيير رؤية العالم
وتجديد فهم العقائد في الأديان ونقد العقائد الأشعرية والاعتزالية وغيرها من عقائد
المذاهب القديمة، قائلًا: نحن مسلمون قرآنًا وسنة، ولسنا من أتباع المذاهب.
وأوضح الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، أن رؤيته لتأسيس
خطاب ديني جديد تم فهمها بطريقة غير متوقعة وانه تم قياس كلامه على تيار آخر وتحميله
معاني تيار يهاجم الأزهر بإطلاق، مؤكدًا أن هذا ليس حقيقيًا، وأنه يعني ما يقوله وبدقة.
مشيرًا إلى أن مؤلفاته درست منذ عام 1986 في الجامعات العربية.
وأكد الدكتور الخشت أنه جاء إلى مؤتمر الأزهر ولديه رؤية يطرحها في مجال
تجديد الفكر الإسلامي، وان ما يطرحه مجال للحوار وليس للحجاج، موضحًا أن هناك فرقا
بين طريقة التفكير بالإختيار بين أمرين (إما أو)، إما معنا أو ضدنا، وأن هذا التفكير
الأرسطي خاطيء لأنه قائم على الفصل الابستمولوجي والإسلام لا يقوم على هذا الفصل، مستشهدًا
بالآية الكريمة "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ".
وأوضح الدكتور الخشت، أن تجاوز التراث ليس كما فهم نفيًا او إلغاء، ولكن
استيعاب التراث في مركب جديد، مؤكدًا رفضه لتهوين التراث أو تهويله، مضيفًا أن من التراث
ماهو حي وماهو ميت، ومنه الصواب ومنه الخطأ، وأن الأزهر مثله مثل المؤسسات الأخرى قد
يصيب وقد يخطيء.
وأشار الدكتور الخشت في تعقيبه، إلى أن العقل الديني الذي قصده ليس المقصود
به القرآن، ولكن المقصود به طريقتنا في التفكير في أمور الدين، واقترح ان يدرس كتاب
عبد الله دراز "دستور الأخلاق في القران"، وكتاب الشيخ محمود شلتوت
"الإسلام عقيدة وشريعة"، مؤكدًا أنه ليس ضد الأزهر وأنه يحترم الدولة الوطنية
ذات المؤسسات والتي لابد أن نصل فيها إلى أرضية مشتركة.
ودعا الدكتور الخشت إلى ضرورة توظيف النظريات القانونية الحديثة في تطوير
أحكام الشريعة، مثل توثيق الطلاق على غرار توثيق الزواج طبقًا لنظرية الأشكال القانونية
المتوازية، مشيرًا إلى أن انعقاد الطلاق عن طريق توثيقه منطقي في ضوء نظرية الأشكال
القانونية المتوازية، فما يتم وفق شكل وإجراء لابد ان يتم بالشكل والإجراء نفسه.
وأوضح الدكتور الخشت، أنه يطرح هذا الرأي في مقابل باقي الآراء وأن الأمر
في نهايته يحتاج الى حوار مجتمعي جديد حتى الوصول الى اتفاق جمعي في التشريع بواسطة
مجلس النواب
***********************
***********************